عبد الله بن عمر بن الخطاب

محدث وفقيه وصحابي، ابن الخليفة عمر بن الخطاب، وأحد المكثرين في الفتوى ورواية الحديث

عبد الله بن عمر بن الخطاب (10 ق.هـ - 73 هـ) محدث وفقيه وصحابي من صغار الصحابة، وابن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، وأحد المكثرين في الفتوى، وكذلك هو من المكثرين في رواية الحديث النبوي عن النبي محمد . كان ابن عمر من أكثر الناس اقتداءً بسيرة النبي محمد، ومن أكثرهم تتبُّعًا لآثاره. كما كان قبلة لطُلاّب الحديث والفتاوى في المدينة المنورة، وطلاّب العطايا لما عُرف عنه من سخائه في الصدقات، والزهد في الدنيا.

عبد الله بن عمر بن الخطاب

معلومات شخصية
اسم الولادةعبد الله بن عمر بن الخطاب
الميلاد10 ق.هـ
مكة
الوفاة73 هـ (83 سنة)
مكة
الكنيةأبو عبد الرحمن
الديانةمسلم
الزوجةصفية بنت أبي عبيد
الأولاد
الأبعمر بن الخطاب
الأمزينب بنت مظعون
إخوة وأخوات
أقرباءعمه:
زيد بن الخطاب
أخواله:
عثمان بن مظعون
عبد الله بن مظعون
قدامة بن مظعون
أخته:
حفصة بنت عمر
الحياة العملية
النسبالعدوي القرشي
عدد الأحاديث التي رواها2,630 حديث
التلامذة المشهوروننافع مولى ابن عمر،  وطاووس بن كيسان،  وبكير بن الأخنس السدوسي،  ومحمد بن سيرين،  وإبراهيم بن أبي عبلة  تعديل قيمة خاصية (P802) في ويكي بيانات
المهنةقائد عسكري،  ومُحَدِّث،  ومفسر،  ومفتي  تعديل قيمة خاصية (P106) في ويكي بيانات
اللغاتالعربية  تعديل قيمة خاصية (P1412) في ويكي بيانات
الخدمة العسكرية
المعارك والحروبغزوة الخندق
غزوة مؤتة
فتح مكة
فتوح الشام
فتوح العراق وفارس
فتح مصر
فتح إفريقية

شهد ابن عمر عدداً من المشاهد مع النبي محمد، ثم شارك بعد وفاة النبي في فتوح الشام والعراق وفارس ومصر وإفريقية. ولما قامت الفتن بعد مقتل عثمان بن عفان، وبعد وفاة يزيد بن معاوية، آثر ابن عمر اعتزال الفتن. كان ابن عمر دائمًا محل احترام وثقة المسلمين، فحاول عثمان بن عفان توليته القضاء، وعرض عليه علي بن أبي طالب ولاية الشام، ورشحه أبو موسى الأشعري للخلافة يوم التحكيم بين جيشي علي ومعاوية، إلا أنه اعتذر عن ذلك كله، وحرص على عدم الانخراط في أمور الحكم تجنبًا منه للخوض في دماء المسلمين.

سيرته

نشأته

ولد أبو عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب القرشي[1] في مكة قبل الهجرة النبوية إلى يثرب بعشر سنين،[2][3] وهو ابن الصحابي والخليفة الثاني عمر بن الخطاب، وأمه وأم شقيقته حفصة هي زينب بنت مظعون الجمحية[1][4] أخت الصحابي عثمان بن مظعون.[2][5]

أسلم عبد الله بن عمر بمكة مع أبيه، ولم يكن قد بلغ الحلم يومئذ، ثم هاجر مع أبيه.[1][2][3][4][6] وما أن هاجر إلى المدينة المنورة حتى انخرط في عقد المسلمين، وصحب النبي محمداً والتف حوله مع غيره من صحابته. ولما أمر النبي محمد أصحابه بالخروج إلى غزوة بدر، تطوع يومها عبد الله للقتال، فردّه النبي محمد لصغر سنه، وهو ما تكرر عندما حاول التطوع للقتال في غزوة أحد. لم يُجزه النبي محمد للقتال إلا في غزوة الخندق وكان عمره يومها خمسة عشر سنة،[4] وقد روى مولاه نافع تلك الأحداث على لسان ابن عمر نفسه، فقال: «عرضت على النبي يوم بدر، وأنا ابن ثلاث عشرة سنة، فلم يقبلني، وعرضت عليه يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة، فلم يقبل وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة، فقبل».[1][3][7] ومن يومئذ، شهد ابن عمر ما بعد غزوة الخندق من المشاهد مع النبي محمد،[2] فشهد بيعة الشجرة،[5] وفتح مكة،[6][8] وغزوة مؤتة.[4]

بعد وفاة النبي محمد

بعد وفاة النبي محمد ، شارك عبد الله بن عمر في فتوح الشام[5] والعراق وفارس[9] ومصر[5] وإفريقية،[4] وشهد في تلك الفتوح معركة اليرموك[4] وفتح نهاوند،[10] وأذربيجان،[11] ثم عاد فسكن المدينة المنورة، ودعاه الخليفة الثالث عثمان بن عفان ليتولى القضاء، فاعتذر.[12][13] ولما حُوصِرَ عثمان وقت الفتنة، تقلد ابن عمر سيف أبيه ودافع عن عثمان يوم الدار.[10][14] وبعد مقتل عثمان ورفض معاوية بن أبي سفيان مبايعة الخليفة الرابع علي بن أبي طالب، واستئثار معاوية بحكم الشام، ومطالبته بالقصاص لعثمان، جاء علي إلى ابن عمر يسأله الخروج إلى الشام أميرًا، فاعتذر ابن عمر، وخرج إلى مكة،[12] ولم يشهد مع عليّ شيئًا من حروبه،[4] حتى لا ينخرط في الفتنة. بل إن الفتنة لما استفحلت، أتوا ابن عمر، فقالوا: «أنت سيد الناس وابن سيدهم، والناس بك راضون، اخرج نبايعك»، فقال: «لا والله لا يهراق فيّ محجمة من دم، ولا في سببي ما كان في روح».[15] كما كادت أن تنعقد البيعة له يوم التحكيم رغم وجود علي وسعد بن أبي وقاص، وقد عقّب الذهبي في ترجمته لابن عمر في كتابه «سير أعلام النبلاء» على ذلك بقوله: «ولو بويع يومها، لما اختلف عليه اثنان».[12] إلا أن ابن عمر يرى أن حقن دماء المسلمين له الأولوية، فقد رُوي أنه قال: «إنما مثلنا في هذه الفتنة كمثل قوم يسيرون على جادة يعرفونها، فبينما هم كذلك، إذ غشيتهم سحابة وظلمة، فأخذ بعضهم يمينًا وشمالاً، فأخطأ الطريق، وأقمنا حيث أدركنا ذلك، حتى جلا الله ذلك عنا، فأبصرنا طريقنا الأول فعرفناه، فأخذنا فيه. إنما هؤلاء فتيان قريش يقتتلون على هذا السلطان وعلى هذه الدنيا، ما أبالي أن لا يكون لي ما يقتل عليه بعضهم بعضًا بنعلي هاتين الجرداوين»، كما قال: «لو اجتمعت عليّ الأمة إلا رجلين ما قاتلتهما».[14]

وقد استدام ابن عمر على سياسة الحياد تلك، فكان لا يأتي أمير على المدينة وقت الفتن إلا وصلّى خلفه، وأدّى إليه زكاة ماله، سوى الحجاج بن يوسف الثقفي الذي ترك ابن عمر الصلاة خلفه لما رآه يؤخر الصلاة.[16] ولما استقر الأمر لمعاوية، دسّ عمرو بن العاص ليعلم ما في نفس ابن عمر من أمر الخلافة، فقال عمرو: «يا أبا عبد الرحمن ما يمنعك أن تخرج فنبايعك، وأنت صاحب رسول الله وابن أمير المؤمنين، وأنت أحق الناس بهذا الأمر؟»، فقال ابن عمر: «لو لم يبق إلا ثلاثة أعلاج بهُجر، لم يكن لي فيها حاجة». فعلم أن لا مطمع له في الخلافة، فقال عمرو: «هل لك أن تبايع لمن قد كاد الناس أن يجتمعوا عليه، ويُكتب لك من الأرضين ومن الأموال ما لا تحتاج أنت ولا ولدك إلى ما بعده؟»، فغضب ابن عمر، وقال: «أُفٍّ لك. اخرج من عندي. ثم لا تدخل عليّ. ويحك! إن ديني ليس بديناركم ولا درهمكم وإني أرجو أن أخرج من الدنيا ويدي بيضاء نقية».[17] وقد ذكر الزُهري أن معاوية تعرّض لابن عمر يومًا في خطبة، فقال: «ومن كان أحق بهذا الأمر مني؟»، فتهيّأ ابن عمر للرد بقوله: «أحق به من ضربك وأباك على الكفر». إلا أنه تراجع خشية أن يُظن به حرصه على الخلافة.[18] كما ذكر نافع مولى ابن عمر أن معاوية قدم إلى المدينة المنورة يومًا، وحلف على منبر المسجد النبوي ليقتلنّ ابن عمر، فتجمّع له الناس، فتراجع.[19]

ولما بويع يزيد بن معاوية وبلغه الخبر، قال: «إن كان خيرًا رضينا، وإن كان بلاءً صبرنا».[12][18] وبعد وفاة يزيد وتصدّر عبد الله بن الزبير للخلافة، لم يوافقه ابن عمر على دعواه، وكان يرى أنه بغى على بني أمية، ونكث عهدهم،[20] وقد حاول مروان بن الحكم أن يدفعه للمطالبة بالخلافة، فقال له: «هلم يدك نبايعك، فإنك سيد العرب وابن سيدها»، فقال ابن عمر: «فكيف أصنع بأهل المشرق؟»، قال مروان: «نضربهم حتى يبايعوا»، فقال ابن عمر: «والله ما أحب أنها دانت لي سبعين سنة، وأنه قتل في سيفي رجل واحد»،[21][22] فقال مروان:[12]

إني أرى فتنة تغلي مراجلها
والملك بعد أبي ليلى لمن غلبا

ولما اجتمع الناس على عبد الملك بن مروان، كتب ابن عمر إليه يبايعه[20] بكتاب جاء فيه: «أما بعد، فإني قد بايعت لعبد الله عبد الملك أمير المؤمنين بالسمع والطاعة على سُنّة الله وسُنّة رسوله فيما استطعت، وإن بنيّ قد أقروا بذلك».[19] وحين تولى الحجاج الحجاز لعبد الملك، أنكر عليه ابن عمر تأخيره للصلاة، فقد روى شهر بن حوشب أن الحجاج خطب الناس وابن عمر في المسجد حتى أمسى، فناداه ابن عمر: «أيها الرجل الصلاة»، قالها ثلاثاً، ثم أنهض الناس، فنزل الحجاج فصلّى، ثم دعا به، فقال: «ما حملك على ما صنعت؟»، فقال ابن عمر: «إنما نجيء للصلاة، فإذا حَضَرَتِ الصلاة فصلِّ بالصلاة لوقتها، ثم بقبق بعد ذلك ما شئت من بقبقة».[23] كما ردّ ابن عمر الحجاج وهو يخطب على المنبر حين قال بأن ابن الزبير حرّف كتاب الله، فقال: «كذبت كذبت كذبت. ما يستطيع ذلك ولا أنت معه»، فقال له الحجاج: «اسكُت، فإنك شيخ قد خَرِفتَ، وذهب عقلك. يُوشِكُ شيخ أن يُؤخَذَ، فتُضرب عُنقهُ، فيُجَرَّ قد انتفخت خصيتاه يطوف به صبيان أهل البقيع».[19] يقول سعيد بن عمرو بن سعيد الأشدق الأموي أن الحجاج وَجِد في نفسه، وأمر بعض خاصته، فأخذ حربة مسمومة، وضرب بها رجل ابن عمر في موسم الحج، فمرض منها مرض موته،[20] فأتاه الحجاج يعوده، فقال: «لو أعلم الذي أصابك، لضربت عُنقه»، فقال عبد الله: «أنت الذي أصبتني». قال: «كيف؟»، قال ابن عمر: «يوم أدخلت حرم الله السلاح». فلما خرج الحجاج، قال ابن عمر: «ما آسى من الدنيا إلا على ثلاث: ظمأ الهواجر، ومُكابدة الليل، وألا أكون قاتلت هذه الفئة الباغية التي حلت بنا».[24]

وفاته

كانت وفاة ابن عمر سنة 74 هـ، وقيل 73 هـ،[2] بمكة[5] وصلى عليه الحجاج بن يوسف الثقفي،[4] ودفن بفخ في مقبرة المهاجرين[20] نحو ذي طوى،[25] وقيل دُفن بالمحصب، وقيل بسرف.[4] وقد نعاه الذهبي، فقال: «أين مثل ابن عمر في دينه، وورعه وعلمه، وتألّهه وخوفه، من رجل تُعرض عليه الخلافة، فيأباها، والقضاء من مثل عثمان، فيرده، ونيابة الشام لعلي، فيهرب منه. فالله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب».[20] توفي ابن عمر دون أن يوصي بوصية،[24] وقد ترك ابن عمر من الولد أبا بكر وواقد وعبد الله وأبا عبيدة وعمر وحفصة وسودة (وهي التي زوّجها ابن عمر لعروة بن الزبير[26]) وأمهم صفية بنت أبي عبيد بن مسعود الثقفية، وعبد الرحمن وأمه أم علقمة بنت علقمة بن ناقش المحاربية الفهرية، وسالم وعبيد الله وحمزة وزيداً وعائشة وأبا سلمة وقُلابة وبلال وأمهاتهم أمهات أولاد،[14] وقيل إنّ أم زيد هي سهلة بنت مالك بن الشحاح من بني زيد بن جشم بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب.[1]

أما صفته، فقد كان ابن عمر رجل ربعة،[5] آدمًا، جسيمًا،[3][6] أصلعًا.[27] وقال سعيد بن المسيب أن عبد الله بن عمر كان أشبه ولد عمر بعمر، وأن سالم بن عبد الله، كان أشبه ولد عبد الله بعبد الله.[28] وكان ابن عمر يحب التطيّب، فلا يذهب الجمعة أو العيد إلا وقد دهن وتطيّب.[15] وكان لابن عمر خاتمًا نقشه «عبد الله بن عمر»،[29] يجعله عند ابنه أبي عبيدة، فإذا أراد أن يختم أخذه، فختم به.[30]

روايته للحديث النبوي

مكانته

روى سالم بن عبد الله عن أبيه قوله: «كان الرجل في حياة رسول الله ، إذا رأى رؤيا قصها على رسول الله ، فتمنيت أن أرى رؤيا أقصها على رسول الله ، وكنت غلامًا عزبًا شابًا، وكنت أنام في المسجد على عهد رسول الله ، فرأيت في المنام كأن ملكين أتياني، فذهبا بي إلى النار، فإذا هي مطوية كطيّ البئر، وإذا لها قرن كقرن البئر، فرأيت فيها ناسًا قد عرفتهم، فجعلت أقول: أعوذ بالله من النار، فلقيني ملك فقال: لن ترع، فقصصتها على حفصة، فقصتها حفصة على رسول الله ، فقال: نعم الرجل عبد الله، لو كان يصلي من الليل»، قال سالم: «فكان بعد لا ينام من الليل إلا القليل».[35] وقال سعيد بن المسيب: «مات ابن عمر يوم مات وما في الأرض أحد أحب إلى أن ألقى الله بمثل عمله منه»،[2] وقال أيضًا: «لو شهدت لأحد أنه من أهل الجنة لشهدت لابن عمر»،[36] وقال: «كان ابن عمر يوم مات خير من بقي»،[21] وقال ابن محيريز: «والله إن كنت لأعد بقاء بن عمر أمانا لأهل الأرض»،[2] وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن: «مات ابن عمر وهو في الفضل مثل أبيه».[6][36] وحين سئل أبو سلمة بن عبد الرحمن عبد الرحمن بن أبي ليلى: «أعمر كان أفضل عندكم أم ابنه؟»، أجاب: «بل عمر»، ثم أردف قائلاً: «إن عمر كان في زمان له فيه نظراء، وإن ابن عمر بقي في زمان ليس له فيه نظير»،[21][36] وقال كل من طاووس[36] وميمون بن مهران عنه: «ما رأيت أورع من ابن عمر»، وقال محمد بن الحنفية: «كان ابن عمر خير هذه الأمة»،[21]

فقهه

قال الزُهريّ: «لا نعدل برأي ابن عمر فإنه أقام بعد رسول الله ستين سنة، فلم يخف عليه شيء من أمره ولا من أمر الصحابة»، وقال مالك بن أنس: «بلغ ابن عمر ستا وثمانين سنة، وافى في الإسلام ستين سنة تقدم عليه وفود الناس»،[2][37] وقال أيضًا: «كان إمام الناس عندنا بعد زيد بن ثابت عبد الله بن عمر، مكث ستين سنة يفتي الناس»،[37][38] وقد قال ابن حزم في كتابه «الإحكام في أصول الأحكام»: «المكثرون من الصحابة رضي الله عنهم فيما روي عنهم من الفتيا، عمر وابنه عبد الله، علي، عائشة، ابن مسعود، ابن عباس، زيد بن ثابت، فهم سبعة فقط يمكن أن يجمع من فتيا كل واحد منهم سفر ضخم».[39]

كان ابن عمر شديد الحذر والحرص في الفُتيا،[4] فقد روى نافع أنه في موسم الحج كان ابن عمر وابن عباس يجلسان لإفتاء الناس، فكان ابن عباس يجيب ويفتي في كل ما سُئل عنه، وكان ابن عمر يرد أكثر مما يفتي.[38] أما عن منهجه في الفتيا، فقد كان ابن عمر يستمد أحكامه من القرآن، فإن لم يجد رجع إلى السُنّة، فإن لم يجد فاجتهادات كبار الصحابة إن اتفقوا، وإلا فإنه كان يتخير من بينها ما يراه حقًا، ثم بعد ذلك كله يأخذ بقياس النظير.[40] كما كان ابن عمر في فقهه شديد التأثر بفقه أبيه،[41] وهو ما يستدل عليه من رواية زيد بن أسلم عن أبيه حين قال: «ما ناقة أضلت فصيلها في فلاة من الأرض بأطلب لأثره من ابن عمر لعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما».[42] إلا أنه رغم هذا الاتباع لمنهج أبيه، كان له استقلاليته عن هذا المنهج متى رأى الصواب في مخالفته الرأي.[43]

عبادته

قال نافع: «كان ابن عمر إذا قرأ: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ۝١٦ [الحديد:16] بكى حتى يغلبه البكاء»، وحين سُئل نافع عما كان يصنع ابن عمر في منزله؟ قال: «لا تطيقونه الوضوء لكل صلاة، والمصحف فيما بينهما».[21] وكان ابن عمر كثير الصدقة، فقد رُوي أنه أتاه بضع وعشرون ألفًا في مجلسه، فما قام حتى وزّعها،[38][44] وروى نافع أن ابن عمر فرّق في مجلس ثلاثين ألفًا،[4] ثم أتي عليه شهر ما أكل لحمًا. وأن الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان بعث إليه بمائة ألف، فما انقضى العام حتى نفدت جميعها. وكان ابن عمر يشتري الرقيق، ثم يعتقهم،[38] وكان إذا رأى من رقيقه أمراً يُعجبه أعتقه، فعرف رقيقه ذلك منه، فكانوا يحسنون العمل أمامه، فيعتقهم. فعاتبه أصحابه قائلين: «والله يا أبا عبد الرحمن ما هم إلا يخدعونك». فيقول: «من خدعنا بالله انخدعنا له»،[45] وقال ابنه سالم أن ابن عمر ما لعن خادمًا قط إلا واحدًا، فأعتقه.[36] وقد ذكر مولاه نافع أن ابن عمر أعتق ألف إنسان أو يزيد.[38] وقال طاووس بن كيسان: «ما رأيت مصليًا مثل ابن عمر أشد استقبالاً للقبلة بوجهه وكفيه وقدميه»،[14] وكان حريصًا على أن يبدأ الناس بالسلام.[46]

كما كان ابن عمر يتتبع آثار النبي محمد وأوامره وأحواله ويهتم بها، فقالت عائشة بنت أبي بكر: «ما كان أحد يتبع آثار النبي في منازله، كما كان يتبعه ابن عمر»،[28] وروى مولاه نافع أن ابن عمر كان يتبع آثار النبي محمد في كل مكان صلى فيه، حتى إن النبي محمد نزل تحت شجرة، فكان ابن عمر يتعاهد تلك الشجرة فيصب في أصلها الماء لكيلا تيبس.[4][21] وروى نافع عن ابن عمر، قوله أن النبي محمد قال يومًا: «لو تركنا هذا الباب للنساء»، فذكر نافع أن ابن عمر لم يدخل من ذلك الباب حتى مات.[21] فكان الذي يرى حرصه على تتبع آثار النبي محمد ، يظن أن به شيئًا من الجنون.[34] وكان إذا قَدِمَ من سفر بدأ بزيارة قبر النبي محمد وأبي بكر وأبيه عمر قبل أن يتوجه إلى منزله، ويقول: «السلام عليك يا رسول الله. السلام عليك يا أبا بكر. السلام عليك يا أبتاه».[10]

وكان كذلك من أحرص الناس على الابتعاد عن الشهوات، فقد قال عبد الله بن مسعود: «إن من أملك شباب قريش لنفسه عن الدنيا عبد الله بن عمر»،[2][6][32][34] وقال جابر بن عبد الله: «ما منا أحد أدرك الدنيا إلا مالت به ومال بها إلا عبد الله بن عمر»،[2][6][32] وقالت عائشة بنت أبي بكر: «ما رأيت أحدًا ألزم للأمر الأول من ابن عمر»،[6] وكان ابن عمر يحضر مجالس عبيد بن عمير الليثي الواعظ القاص، فتهراق عيناه بالدمع.[47]

المراجع

وصلات خارجية


🔥 Top keywords: الصفحة الرئيسيةنادي برشلونةخاص:بحثحسن الصباحصلاة الفجرالحشاشونمنافسة ليفربول ومانشستر يونايتدأسرة عبد الله بن عبد العزيز آل سعودفيسبوككأس الاتحاد الإنجليزينعمة الأفوكاتوالدوري الإسبانيعمر الخيامرامز جلاليوتيوبباميلا الكيككاثرين أميرة ويلزالدولة السلجوقيةحكم الاستمناء في الإسلاممرام عليريال مدريدآية الكرسيإبراهيم ديازمانشستر يونايتدصلاة التراويحملف:Arabic Wikipedia Logo Gaza (3).svgنادي ليفربولالصلاة في الإسلامسجود التلاوةدوري أبطال أوروباشيرين رضاغسل (إسلام)الحشاشين (مسلسل)صلاة المغربمانشستر سيتيبوليفارد وورلدقائمة سور القرآن الكريمصلاة الاستخارةنظام الملك