فدرالية

عبارة عن حكم تكون السلطات فيه مقسمة بين حكومة مركزية وحكومات أصغر كالأقاليم أو الولايات

الفدرالية[1][2] أو الاتحادية،[3][4] هي شكل من أشكال الحكم تكون السلطات فيه مقسمة دستوريا بين حكومة مركزية أو حكومة فدرالية، ووحدات حكومية أصغر (الأقاليم، الولايات)، ويكون كلا المستويين المذكورين من الحكومة معتمد أحدهما على الآخر وتتقاسمان السيادة في الدولة. أما ما يخص الأقاليم والولايات فهي تعدّ وحدات دستورية لكل منها نظامها الأساسي الذي يحدد سلطاتها التشريعية والتنفيذية والقضائية ويكون وضع الحكم الذاتي للأقاليم، أو الجهات أو الولايات منصوصاً عليه في دستور الدولة بحيث لا يمكن تغييره بقرار أحادي من الحكومة المركزية.

خريطة تبين الفدراليات الرسمية حاليا

الحكم الفدرالي واسع الانتشار عالمياً، وثمانية من بين أكبر دول العالم مساحة تحكم بشكل فدرالي. وأقرب الدول لتطبيق هذا النظام الفدرالي على المستوى العربي هي جمهورية العراق والإمارات العربية المتحدة أما على المستوى العالمي فهي دولة الولايات المتحدة الأمريكية.

خصائص الفدرالية

كان لكتابات اثنين من المراقبين السياسيين الإنجليزيين (ألبرت دايسي وجيمس برايس) تأثير كبير على بدايات نظرية الفدرالية. لقد حدد دايسي شرطين لتشكل الدولة الفدرالية. أولهما هو وجود عدَة دول "وثيقة الارتباط ببعضها محلياً وتاريخياً وعرقياً أو ما شابه يجعلها قادرة على أن تحمل في نظر سكانها هوية وطنية مشتركة. والشرط الثاني هو "الرغبة الوطنية في الوحدة الوطنية والتصميم على المحافظة على استقلال كل دولة في الاتحاد".

من الملامح الأساسية للفدرالية توزيع السلطات. يطلعنا البروفيسور ك.س. وير في عمل كلاسيكي حول موضوع الحكومة الفدرالية: «هل يجسد نظام الحكم تقسيما كبيراً في السلطات بين المركز والأقاليم وتنسق كل واحدة من تلك الحكومات في إطار صلاحياتها مع الأخرى وتعتمد عليها؟». النتيجة الرئيسية لتقسيم السلطات تتمثل في عدم قدرة أي من الحكومتين (المركز- الأقاليم) على ممارسة نفس القدر من السلطة التي كانت ستمارسها في ظل دولة موحدة غير فدرالية.

الدستور في النظام الفدرالي هو السلطة العليا التي تستقي منها الدولة سلطاتها. ومن الضروري وجود قضاء مستقل لإبطال أي قانون لا يتماشى مع الدستور. والشرعية هي التي تعيق الفدرالية. إذ ينبغي أن يكون الدستور «صارماً» وغير «فَضْفاضّ» (Inexpensive). ويجب أن تكون القوانين الواردة في الدستور المذكور غير قابلة للتغيير إلا من قبل سلطة أعلى أو هيئات تشريعية. وغالباً ما تؤدي صعوبة تغيير الدستور إلى نشوء مشاعر محافظة.

ويمكن النظر إلى الفدرالية باعتباره نقيضاً لنظام آخر هو الدولة الأحادية. حكومة ألمانيا بولاياتها اللاندر الستة عشر مثال للفدرالية، بينما جارتها النمسا وولاياتها البندسلاندر كانت دولة أحادية بتقسيمات إدارية تحولت إلى فدرالية في حين كانت فرنسا وظلت دائماً دولة أحادية.

نماذج من الدول الفدرالية

فدراليةوحدات فدراليةوحدات فدرالية رئيسيةوحدات فدرالية أصغر
 الأرجنتينأقاليم الأرجنتين23 إقليم1 منطقة فدرالية
 أسترالياولايات وأراضي أستراليا6 ولايات
 النمساولايات النمسا9 لاندر أوبوندسلاندر
 بلجيكامنطقتان لغويتان
 البوسنة والهرسك2 وحدات (واحدة منها فدرالية بنفسها تتكون من 10 كانتونات1 منطقة
 البرازيلولايات البرازيل26 ولاية1 منطقة فدرالية و5،561 بلدية
 كندامقاطعات وأقاليم كندا10 أقاليم3 أراض
 جزر القمر3 جزر
 إثيوبياأقاليم إثيوبيا9 أقاليم2 مدينتان فدراليتان
 ألمانياولايات ألمانيا16 لاندر أو بوندسلاندر
 الهندولايات وأراضي الهند28 ولاية7 مناطق اتحادية بينها منطقة العاصمة
 العراق15 محافظة وإقليم فدرالي15 محافظة وإقليم فدرالي واحد وهو إقليم كردستان
 ماليزياولايات ماليزيا13 ولاية3 أراض فدرالية
 المكسيكولايات المكسيك31 ولاية1 منطقة فدرالية
 ولايات ميكرونيسيا المتحدة4 ولايات
 نيجيرياولايات نيجيريا36 ولاية1 منطقة
 باكستانأقاليم وأراضي باكستان4 أقاليم4 أراض فدرالية ضمنها منطقة العاصمة
 روسياأراضي روسيا الفدرالية21 جمهوريات، 46 أوبلاست، 9 كرايس، 1 ذاتية الحكم أوبلاست، 4 بحكم ذاتي أكروغس، 2 مدن على مستوى فدرالي[5]
 سانت كيتس ونيفيسجزر سانت كيتس ونيفيس2 جزيرتان/14 باريش
 السودانولايات السودان18 ولاية
 سويسراكانتونات سويسرا26 كانتون
 الإمارات العربية المتحدةإمارات الإمارات العربية المتحدة7 إمارات
 الولايات المتحدةولايات الولايات المتحدة الأميركية50 ولاية1 منطقة فدرالية؛ 14 أراض فدرالية
 فنزويلاولايات فنزويلا23 ولاية1 منطقة فدرالية، 1 تبعية فدرالية
 الصومالدول فدرالية6 ولايات1 منطقة فدرالية

فدراليات بحكم الواقع

التمييز بين الدولة الفدرالية والدولة الأحادية ليس بالأمر البسيط. فالدولة الأحادية قد تشبه الفدرالية في البنية الإدارية، ورغم أن الحكومة المركزية قد تملك الحق نظرياً في سحب الحكم الذاتي عن إقليم يتمتع به، فإن الأمر قد يكون شديد الصعوبة سياسياً. بل إن بعض الجهات المتمتعة بالحكم الذاتي في دول أحادية كثيراً ما تتوفر على صلاحيات أوسع من ما توفره بعض الفدراليات. ولهذه الأسباب، يجادل البعض بأن بعض الدول الأحادية المعاصرة هي فدراليات بحكم الواقع.

إسبانيا

تقترح إسبانيا كدولة فدرالية بحكم الواقع رغم أن قوانينها التأسيسية لا تنص على ذلك، باعتبار كونها تمنح أقاليمها ذاتية الحكم الصلاحيات ذاتها التي تتوفر عليها الأجزاء المكونة للفدراليات. واحتمال أن يسحب البرلمان الإسباني الحكم الذاتي عن أقاليم مثل غاليثيا، كاتالونيا أو إقليم الباسك أمر شبه مستحيل سياسياً، مع أنه لا شيء يمنع منه قانونياً. إضافة إلى ذلك فإن جهات مثل نافارا وإقليم الباسك تتمتع بصلاحيات كاملة على الضرائب والإنفاق، وتحول جزء صغيراً منها إلى الحكومة المركزية مقابل الخدمات العمومية (الجيش، العلاقات الخارجية، والسياسات الماكرو اقتصادية). ويشير فقيه قانوني إلى "الطبيعة الفدرالية للحكومة الإسبانية (كاتجاه لا يمكن لأي كان إنكاره).لكن بعد استفتاء إقليم كتالونيا في خريف 2017 قامت إسبانيا بإجراءات أميل لنزع الحكم الفدرالي من الإقليم مثل فض الاستفتاء بالقوة والقبض على الناخبين تحت تهديد السلاح ونزع عضوية أعضاء إقليم كتالونيا من مجلس النواب[6][7] وكل إقليم ذاتي الحكم يحكم قانون حكم ذاتي تبعاً لدستور إسبانيا لسنة 1978.

جمهورية الصين الشعبية

تطورت الصين الشعبية كفدرالية بحكم الواقع بدون قانون رسمي ينص على ذلك. وقد حدث ذلك عن طريق منح صلاحيات واسعة للأقاليم بطريقة غير رسمية، للتعامل مع القضايا الاقتصادية ولتطبيق السياسات الوطنية. وهو ما أنتج ما يسميه البعض «فدرالية بحكم الواقع وبخصائص صينية»(في إشارة إلى سياسات دنغ شياو بينغ الشيوعية بخصائص صينية)[8] ودستورياً، تم منح صلاحيات الأقاليم ذات الإدارة الخاصة من جمهورية الصين الشعبية عن طريق قرار من مجلس نواب الشعب.

الفدرالية والديمقراطية

الفدرالية في النظرية الفدرالية توفر نظاماً دستورياً قوياً تستند عليه التعددية الديمقراطية، وبأنها تقوم بتعزيز الديمقراطية النيابية عبر توفير مواطنة مزدوجة في مجمع جمهوري. وبالإمكان العثور على هذا التصريح الكلاسيكي في الوثيقة الفدرالية (The Federalist Paper) والتي تقول بأن الفدرالية تساهم في تجسيد مبدأ العدالة القضائية وفي الحد من الأعمال التعسفية للدولة. وذلك لأنها، أولاً: بإمكانها الحد من قدرة الدولة على انتهاك الحقوق، طالما أنها تضمن بأن البرلمان الراغب في تقييد الحريات فاقد للصلاحيات الدستورية وبأن الحكومة القادرة على ذلك فاقدة للرغبة فيه. وثانياً: أن العمليات القانونية لصنع القرار في الأنظمة الفدرالية تحد من سرعة الحكومة على التصرف.إن مقولة أن الفدرالية تساعد على تأمين الديمقراطية وحقوق الإنسان قد تأثرت بالنظرية المعاصرة حول الاختيار الشعبي. ففي الوحدات السياسية الأصغر بإمكان الأفراد الاشتراك بشكل مباشر في حكومة عمودية وحدوية. وزيادة على ذلك فإن لدى الأفراد الساخطين من الظروف السائدة في إحدى دول الاتحاد خيار الانتقال إلى دول أخرى- وهذا طبعاً بافتراض أن الدستور يكفل حرية الانتقال بين دول الاتحاد الفدرالي. لا تزال قدرة النظام الفدرالي على حماية الحريات المدنية محل جدل، إذ غالباً ما يكون هناك خلط بين حقوق الفرد وحقوق الدولة. ففي أستراليا على سبيل المثال يعد سبب العديد من الخلافات داخل حكومة البلاد خلال العقود الأخيرة مباشرة إلى تدخل سلطات المركز لحماية حقوق الأقليات، وهو ما استدعى وضع القيود على صلاحيات الحكومات المحلية. ومن الضروري تفادي الخلط بين القيود التي تفرضها المرجعية القضائية – الصلاحية الدستورية الممنوحة للبرلمان لتجاوز البرلمان- وبين الفدرالية نفسها.

إن لدى بعض الولايات الأمريكية تاريخ غير مشرق في مجال حجب الحريات المدنية عن المجموعات العرقية وعن النساء والمجموعات الأخرى من ناحية، ومن ناحية أخرى وفرت القوانين والدساتير في بعض الولايات الأخرى حماية لمثل تلك المجموعات بتشريعات تفوقت على ما ورد في نصوص الدستور الأمريكي أو لائحة الحقوق الأمريكية التابعة له.

الفدرالية والدستور الأمريكي

تعدّ الفدرالية إحدى الدعامات الثلاث في الدستور الأمريكي إلى جانب فصل السلطات أي التشريعية والتنفيذية والقضائية- والحريات المدنية. واضعوا الوثيقة الفدرالية يشرحون في المقالتين 45 و46 تصورهم عن نظام القيود والموازنات الذي تعمل بموجبه حكومات الولايات على المستوى الوطني للوصول بمرور الوقت إلى حالة الحكومة محدودة السلطات. الدستور الأمريكي لا يقدم شرحاً أو وصفاً محدداً للفدرالية في أي قسم من أقسامه، بل يتضمن عوضاً عن ذلك إشارات متعددة للحقوق والمسؤوليات المناطة بحكومات الولايات ومسؤوليها أمام الحكومة الفدرالية المركزية.

مصادر

انظر أيضًا