خمر

مصطلح إسلامي لكلّ ما خمّر العقل

خمر وهو كل ما خَمَّرَ العقل،[1] وكل مسكر خمر. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: «وَسُمِّيَتِ الْخَمْرُ خَمْرًا لأَنها تُرِكَتْ فاخْتَمَرَتْ، واخْتِمارُها تَغَيُّرُ رِيحِهَا؛ وَيُقَالُ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِمُخَامَرَتِهَا الْعَقْلَ».[2] وَرَوَى الأَصمعي عَنْ مَعْمَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ:«لَقِيتُ أَعرابياً فَقُلْتُ: مَا مَعَكَ؟ قَالَ: خَمْرٌ. والخَمْرُ: مَا خَمَر العَقْلَ، وَهُوَ الْمُسْكِرُ مِنَ الشَّرَابِ، وَهِيَ خَمْرَةٌ وخَمْرٌ وخُمُورٌ مِثْلُ تَمْرَةٍ وَتَمْرٍ وَتُمُورٍ».[2] وقد حرم الإسلام الخمر، فإنه قد ثبت بالنقول الصحيحة أن الخمر لما حرمت بالمدينة النبوية وكان تحريمها بعد غزوة أحد في السنة الثالثة من الهجرة لم يكن من عصير العنب شيء، فإن المدينة ليس فيها شجر عنب وإنما كانت خمرهم من التمر، فلما حرمها الله عليهم أراقوها بأمر النبي صلى الله عليه وسلم. بل وكسروا أوعيتها وشقوا ظروفها، وكانوا يسمونها خمرًا، فعلم أن اسم الخمر في كتاب الله عام لا يختص بعصير العنب.

مخطوطة طبية تصف استعمال الخمر في تحضير علاج.

فروى البخاري في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:«نزل تحريم الخمر وإنا بالمدينة يومئذ لخمسة أشربة، ما منها شراب العنب».[3] وقد استفاضت الأحاديث عن النبي بأن كل مسكر خمر، وهو حرام كما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: «سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البتع وهو نبيذ العسل، وكان أهل اليمن يشربونه، فقال: «كل شراب أسكر فهو حرام».». وعن ابن عمر عن النبي قال:  «ما أسكر كثيره فقليله حرام».

حد شارب الخمر

حد شارب الخمر في الإسلام هو أربعون جلدة، وما زاد منه هو تعزير حسب ما تقتضيه الحاجة، وقد يصل إلى ثمانين جلدة كم فعل عمر بن الخطاب،[4][5] ففي صحيح مسلم أن عليًا أمر عبد الله بن جعفر بن أبي طالب أن يجلد الوليد بن عقبة فجلده، وعلي يعد حتى بلغ أربعين، فقال أمسك، وجلد النبي أربعين، وجلد أبو بكر أربعين، وجلد عمر ثمانين جلدة. وكان يضرب في الخمر بالنعال والجريد.[6] ذهب الأحناف ومالك إلى أنه ثمانون جلدة، وذهب الشافعي إلى أنه أربعون، وعن أحمد بن حنبل الروايتان.[6]

وقد روى أبو داود في سننه عن جابر بن عبد الله عن النبي قال: «إِنَّ مَنْ شَرِبَ الخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ، فَإِنْ عَادَ فِي الرَّابِعَةِ فَاقْتُلُوهُ»، قال: ثم أُتي النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك برجل قد شرب الخمر في الرابعة فضربه ولم يقتله.[7] وقد أجمع الفقهاء أن الأمر بقاتل شارب الخمر للمرة الرابعة منسوخ؛ لقول النبي: «لا يحل دم امرئ مسلم يشهد ألا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة.».[8] قال محمد بن إدريس الشافعي: «والقتل منسوخ بهذا الحديث وغيره وهذا ممّا لا اختلاف فيه بين أحد من أهل العلم علمته».[9]

يشترط في إقامة الحد أن يكون شارب الخمر مُسلما بالغًا عاقلًا مختارًا؛ غير مكره عليها، ولا مضطرًا.[10] يثبت حد شرب الخمر على شاربه بأحد أمرين، إما أن يقر بالشرب، ويعترف بأنه شرب الخمر مختارًا، وإما بالبيِّنة، وهي شهادة رجلين عدلين مسلمين عليه.[11] كأن رأوه قد شرب الخمر أو تقيأها، وفي حديثٍ عن حصين بن المنذر أبي ساسان قال: «شهدت عثمان بن عفان، وأوتي بالوليد قد صلى الصبح ركعتين، ثم قال: أزيدكم؟ فشهد عليه رجلان أحدهما حمران أنه شرب الخمر، وشهد آخر أنه يتقيأ، فقال عثمان : إنه لم يتقيأ حتى شربها، فقال: يا علي قم فاجلده، فقال عليٌّ: قم يا حسن فاجلده، فقال الحسن: وَلِّ حَارَّهَا مَنْ تَوَلَّى قَارَّهَا، فكأنه وجد عليه، فقال: يا عبد الله بن جعفر قم فاجلده فجلده، وعليٌّ يعد، حتى بلغ أربعين، فقال: أمسك، ثم قال: جلد النبي أربعين، وأبو بكرٍ أربعين، وعمر ثمانين، وكلٌّ سُنَّة، وهذا أحب إلي».[12]

انظر أيضًا

مراجع