كنعانيون

منطقة تاريخية سامية اللغة في الشرق الأدنى القديم، تشمل اليوم فلسطين ولبنان والأجزاء الغربية من الأردن وسورية


كَنْعَان أو أرض كنعان (بالفينيقية: 𐤊𐤍𐤏𐤍) هي حضارة ومنطقة تاريخية وشعوب سامية اللغة في الشرق الأدنى القديم، تشمل اليوم فلسطين ولبنان والأجزاء الغربية من الأردن وسوريا. وكانت المنطقة مهمة سياسياً في العصر البرونزي المتأخر خلال حقبة العمارنة، كون المنطقة كانت محل نزاع المصريين والآشوريين. ذُكر الكنعانيون كجماعة إثنية كثيراً في الانجيل العبري، ويعتبر الكنعانيون أقدم الشعوب المعروفة التي استوطنت فلسطين. استبدل الاسم «كنعان» بـ«سورية» عقب سيطرة الإمبراطورية الرومانية على المنطقة.

أرض كنعان
كنعانييون
→ وصلة=[[]]
 
→
وصلة=[[]]
وصلة=[[]]
(القرن 4000 ق.م ~ 2500 ق.م) – ~200 ق.م ←
 
←
خريطة تُبين تواجد الكنعانيون في بلادِ الشَّام

سميت باسمكنعان بن حام  تعديل قيمة خاصية (P138) في ويكي بيانات
عاصمة
نظام الحكمغير محدّد
ملك
التاريخ
الفترة التاريخيةالعصر النحاسي - العصر البرونزي
التأسيس(القرن 4000 ق.م ~ 2500 ق.م)
الزوال~200 ق.م

اليوم جزء من فلسطين
 سوريا
 لبنان
 الأردن

استوطنوا الكنعانيون المناطق الجنوبية من بلاد الشام ما بين 3000 قبل الميلاد إلى 1200ق.م ، وانتشروا على طول ساحل بلاد الشام وتمركزوا في فلسطين. وأطلق اليونانيون اسم فينيقيا المشتق من فينيقيين أي الأحمر الأرجواني على القسم المتوسط والشمالي من ساحل بلاد الشام كما أطلقوا اسم الفينيقين على الكنعانيين سكان الساحل السوري، الفلسطيني واللبناني.

تستخدم كلمة الكنعانيين كمصطلح عرقي يشمل مختلف فئات السكان الأصليين - المجموعات المستوطنة والبدو على حد سواء، في جميع أنحاء جنوب بلاد الشام أو كنعان.[1] وهو إلى حد بعيد المصطلح العرقي الأكثر استخدامًا في الكتاب المقدس.[2] من القرن 7 ق م إلى القرن 4 ق م أسّس الكنعانيون مستعمرات كنعانية جديدة، امتدّت من غرب البحر الأبيض المتوسط إلى حدود السواحل الأطلسيّة. يعتبرهم مؤرخو العرب القدامى من العماليق، وهناك عدّة نظريات حول أصل موطن الكنعانيين، ومن أشهرها أن الكنعانيين من أكبر الموجات المهاجرة التي خرجت من شبه الجزيرة العربية، لكن يناقضها اكتشافات أن المدن الكنعانية في فلسطين أقدم من المدن الكنعانية في شبه الجزيرة العربية.

التسمية

لا يعرف على وجه الدقة في تحديد تسمية الكنعانيين بهذا الاسم، ولكن هناك طروحات تحاول تفسير الاسم، وغالبا فإن التسمية أطلقتها أمم وأقوام أخرى عليهم.

  • نظرية الاسم الأكدي: يرى بعض المؤرخين أن الاسم الأكدي (كناجي أو كناخني Kinakhni) والذي ظهر في رسائل تل العمارنة في مصر هو أصل التسمية، وهو اسم أطلقه البابليون، ويعني اللون الأحمر الأرجواني.[3]
  • نظرية الاسم المصري: استعمل المصريون منذ عصر الدولة القديمة كلمة فنخو للدلالة على شعب من شعوب الشام، ويرى بعض الدارسين أن اللفظة استخدمها الإغريق وحورت إلى فويفكس (Phoivikes) للدلالة على فينيقيا وفويفيكن Phoivikn للدلالة على الفينيقيين.[4]
  • نظرية الاسم الكنعاني: وجد نص الملك أدريمي ملك الالاخ (المملكة الكنعانية - الأمورية) استخدم فيه الكنعانيون أنفسهم هذا الاسم للإشارة إلى أنفسهم.[3]
  • نظرية الاسم العبري: وفق التقسيم الإثني للتوراة فإن الكنعانيين من نسل حام بن نوح، وكانت من عادة اليهود نسبة أعدائهم إلى حام. التسمية أتت من السامية القديمة «كنع» بمعنى منخفض وبالتالي فالكنعانيون سكان الأراضي المنخفضة، وذلك بعكس الآراميين الذين تعود تسميتهم إلى الجذر «رم» بمعنى مرتفع.
  • نظرية الاسم العربي: تتماشي هذه النظرية لغوياً مع معاني اللغة العربية، فالكلمات العربية خنع وقنع وكنع تفيد معاني الانخفاض والهبوط والتواضع.
  • نظرية الاسم الحوري: تقترح هذه النظرية أن اسم كنعان مشتق من كلمة كناجي Kanaggi وهي تعني بالحورية الصبغة الأرجوانية أو القرمزية، والتي اشتهر الكنعانيون بصناعتها، وقد يكون الحوريون استقوا عن الأكديين تلك التسمية أو العكس.[3]
  • أخرى: يرى بعض المؤرخون أن الهكسوس هو الاسم المصري الذي أطلقوه على الكنعانيين عندما حكموا مصر ولذلك يقال حتى الآن مصر أرض الكنانة إشارة إلى حكم سلالة النبى إسماعيل (حديث ابن عباس: "نحن معاشر قريش حي من النبط من أهل كوثى) وكنانة من النبط ولفظ نبط كان وصفاً لخروج الماء من زمزم على يد السيدة هاجر.

تاريخ الكنعانيين

الأصول الكنعانية

ينتمي الكنعانيون إلى عائلة الشعوب السامية، وبدأ ظهور الكنعانيّين في بداية عصور ما قبل التاريخ، في الفترة التي تُعرَف باسم العصر الحجري النحاسي المُمتدّة من عام 4000-3000ق.م، أي أنّ هذه المرحلة استمرّت قُرابة ألف عام. وقد استقر الكنعانيون في جنوب سوريا وفلسطين وسيطروا عليها سيطرة تامّة، حتى أنها عرفت باسم أرض كنعان أو بلاد كنعان في المرحلة الكنعانيّة (من عام 3000-1200ق.م) التي بدأت بهجرة الكنعانيّين إلى بلاد الشام وبشكل خاص الجهة الشرقيّة من البحر الأبيض المتوسّط؛ وأصبح الكنعانيّون باسم الفينيقيّين؛[5] حيث عاشوا على الشواطئ الشرقيّة للبحر الأبيض المتوسط، وقد وافقت هذه المرحلة العصر الحديدي الذي امتدّ بين عامَي 332-1200ق.م. وهاجر الفينيقيّون الغربيّون من بلاد الشام إلى سواحل وجُزر البحر الأبيض المتوسّط في أوروبا وشمال أفريقيا، وقد كانت هذه المرحلة معاصرةً للمرحلة السابقة مرحلة الفينيقيّين؛ إذ امتدّت بين عامَي 146-1200ق.م.[6]

يعتبر مؤرخو العرب القدامى أن الكنعانيون من العماليق، هم من الشعوب في مناطق جنوب سوريا وكذلك وهناك ساحل في منطقة عُمان جنوب الجزيرة العربية يعرف باسم كنعان.[7] هناك عدّة نظريات حول أصل موطن الكنعانيين، ومن أشهر النظريات، بعض المؤرخين كـ«خزعل الماجدي» هي أن الكنعانيين من أكبر الموجات المهاجرة التي خرجت من شبه الجزيرة العربية، لكن يناقضها اكتشافات أن المدن الكنعانية في فلسطين أقدم من المدن الكنعانية في شبه الجزيرة العربية، وخير دليل مدينة أريحا الكنعانية التي هي من أقدم المدن في التاريخ. ووفقاً للتقديرات الموثقة، فإن الهجرة الأمورية الكنعانية الشهيرة من الجزيرة العربية قد حدثت في منتصف الألف الثالث قبل الميلاد، غير أن بعض الباحثين يستنتجون أن الكنعانيين كانوا منذ بداية الألف الثالث مستقرين في البلاد، مستندين إلى مكتشفات الآثار المصرية.[8] ويذهب باحثون آخرون إلى أبعد من ذلك، حيث يشيرون إلى وجود الكنعانيين ما قبل سبعة آلاف سنة، وذلك من خلال تتبع الآثار في مدنهم القديمة، وأقدمها مدينة أريحا الباقية حتى اليوم التي تعتبر من أقدم المدن في العالم.[8] ويعتقد بعض المؤرخين بأن الكنعانيين جاءوا من بلاد ما بين النهرين.[9]

وقد أعطى المؤرخون القدماء عدة فرضيات لأصلهم فرأى سترابو أن أصل الكنعانين هي سواحل الخليج العربي، وذلك لتشابه أسماء مدن تلك المناطق القديمة مع أسماء المدن الكنعانية في الشام، ويرجح أصحاب هذه النظرية أن تكون تلك الخليجية هي الأقدم وهاجروا إلى منطقة بلاد الشام في العصور القديمة. ويرى ابن تيمية أنهم سكان حران وأن ملوكهم هم النماردة «جمع نمرود». ويقول الطبري في تاريخه: (فَعِمْلِيقُ أَبُو الْعَمَالِيقِ كُلِّهِمْ أُمَمٍ تَفَرَّقَتْ فِي الْبِلادِ، وَكَانَ أَهْلُ الْمَشْرِقِ وَأَهْلُ عُمَانَ وَأَهْلُ الْحِجَازِ وَأَهْلُ الشَّامِ وَأَهْلُ مِصْرَ مِنْهُمْ، وَمِنْهُمْ كَانَتِ الْجَبَابِرَةُ بِالشَّامِ الَّذِينَ يُقَالُ لَهُمُ الْكَنْعَانِيُّونَ، وَمِنْهُمْ كَانَتِ الْفَرَاعِنَةُ بِمِصْرَ، وَكَانَ أَهْلُ الْبَحْرَيْنِ وَأَهْلُ عُمَانَ مِنْهُمْ أمة يسمون جاسم، وكان ساكنى الْمَدِينَةَ مِنْهُمْ، بَنُو هفٍّ وَسَعْدِ بْنِ هَزَّانَ، وَبَنُو مَطَرٍ، وَبَنُو الأَزْرَقِ وَأَهْلُ نَجْدٍ مِنْهُمْ بُدَيْلٌ وَرَاحِلٌ وَغِفَارٌ، وَأَهْلُ تَيْمَاءَ مِنْهُمْ وَكَانَ مَلِكُ الْحِجَازِ مِنْهُمْ بِتَيْمَاءَ اسْمُهُ الأَرْقَمُ، وَكَانُوا سَاكِنِي نَجْدٍ مَعَ ذَلِكَ وَكَانَ سَاكِنِي الطَّائِفِ بَنُو عَبْدِ بْنِ ضَخْمٍ...)

ويقول ابن كثير في البداية والنهاية: وَالْمَقْصُودُ أَنَّ مُوسَى ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ ـ لَمَّا انْفَصَلَ مِنْ بِلَادِ مِصْرَ، وَوَاجَهَ بِلَادَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَجَدَ فِيهَا قَوْمًا مِنَ الْجَبَّارِينَ، مِنْ الْحَيْثَانِيِّينَ، وَالْفَزَارِيِّينَ، وَالْكَنْعَانِيِّينَ، وَغَيْرِهِمْ فَأَمَرَهُمْ مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالدُّخُولِ عَلَيْهِمْ، وَمُقَاتَلَتِهِمْ وَإِجْلَائِهِمْ إِيَّاهُمْ عَنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَإِنَّ اللَّهَ كَتَبَهُ لَهُمْ، وَوَعَدَهُمْ إِيَّاهُ، عَلَى لِسَانِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ، وَمُوسَى الْكَلِيمِ الْجَلِيلِ، فَأَبَوْا وَنَكَلُوا عَنِ الْجِهَادِ، فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْخَوْفَ، وَأَلْقَاهُمْ فِي التِّيهِ، يَسِيرُونَ، وَيَحِلُّونَ وَيَرْتَحِلُونَ، وَيَذْهَبُونَ، وَيَجِيئُونَ، فِي مُدَّةٍ مِنَ السِّنِينَ طَوِيلَةٍ، هِيَ مِنَ الْعَدَدِ أَرْبَعُونَ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ * يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ * قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ.

وقال المسعودي متحدثا عن كنعان: هو أكبر ولد حام، وهو أول من غير دين نوح ـ عليه السلام ـ وألقى العداوة بينه وبين بني جده من الجبابرة والكنعانيين الذين كانوا بالشام، ويقال فراعنة مصر منهم، وجالوت منهم الذي قتله داود ـ عليه السلام. وتشير الدراسات الحديثة إلى أن الكنعانيين من أولى الشعوب السامية التي قطنت الوطن العربي بعد وصولها من أفريقيا عبر مصر بعد انهيار الحضارة الغسولينية في فلسطين حوالي 3300 ق.م.[10]

وورد في الكتابات العبرية أن الكنعانيين هم سكان البلاد الأصليون، كما ذكر في التوراة أنهم الشعب الأموري. في سفر يشوع، ضُمّن الكنعانيين في قائمة الأمم المطلوب إبادتها، ووُصفوا لاحقًا بأنهم مجموعة «أهلكها الإسرائيليون»،[11][12] على الرغم من أن هذه الرواية تتناقض مع النصوص التوراتية اللاحقة مثل سفر أشعيا. يلاحظ الباحث التوراتي مارك سميث أن البيانات الأثرية تشير إلى «أن الثقافة الإسرائيلية تتداخل إلى حد كبير مع الثقافة الكنعانية وتستمد منها، أي أن الثقافة الإسرائيلية إلى حد كبير كنعانية بطبيعتها».[13]:13–14[14][15] يناصب العديد من المؤرخين الغربيين العداء للكنعانيين تأثراً بالتوراة، مع أنها تمتلئ بالعديد من المغالطات؛ فمثلاً تعتبر التوراة الكنعانيين ساميين في بعض الأحيان، وحاميين في أحيان أخرى، ويتفاخرون بقتل الكنعانيين وحرق مدنهم وقراهم، وإبادة حرثهم ونسلهم في كل موقع كنعاني مروا به، فالكنعانيون في نظرهم شعب يجب أن يمحى ويباد عن وجه البسيطة.[9]

الغزو المصري

نقش ميشع، وهو مكتوب بإحدى اللغات الكنعانية.

لقد كانت بداية الاستعمار الطويل لبلاد الكنعانيين الذي استمر 12 قرنا هو غزو المصريين لبلاد الشام في عهد الدولة المصرية الحديثة. وقد حدث الغزو خلال القرن الرابع عشر قبل الميلاد في أيام حكم الأسرتين الثامنة عشر والتاسعة عشر ألتي تم فيها القضاء على آخر ملوك الهكسوس حوالي (1567ق.م).

وقد كان السبب الرئيسي لهذا الغزو هو تهديد المصالح التجارية لمصر في بلاد الشام، وقد بدأ هجوم المصريين من خلال معركة مجدو في عام 1468 ق.م. والتي انتصر فيها الجيش المصري في النهاية.[16] وقد قاد المصريين في هذه المعركة تحتمس الثالث (1490 - 1436 ق.م) وقد كانت أولى حملاته الحربية، أما الجيش الذي قاتل المصريين فقد كان حلفًا بين ما يقارب الـ350 دويلة كنعانية، لكن أمير الحلف والذي سعى لجمعه هو أمير قادش. وقد اضطر الكنعانيون للاستسلام بعد حصار دام سبعة أشهر على مدينة مجدو التي اجتمعوا فيها والتي سميت المعركة باسمها.

ومن الجدير ذكره أن هناك نصوص تفصيلية منذ عهد تحتمس الثالث ومنها ذلك النص المتعلق بمعركة مجدو الفاصلة التي قادها من الجانب الشامي كل من ملك مجدو وملك قادش يدعمها الملك الميتاني، وشارك في هذا التحالف ما يقارب من مائة وعشرين مدينة وورد ذكرها في إحدى قوائم تحتمس الثالث الطبوغرافية. وجاءت هذه النصوص على شكل نقوش على المسلات التي تم نصبها في كل من الكرك وممفيس.

الغزو الحيثي

في خلال الفترة التي تلت ذلك قامت دولة جديدة في المنطقة هي الدولة الحورية والتي تقاتلت مع مصر في بلاد الشام لمدةٍ من الزمن. وبعد ذلك عقدوا السلم حين تزوج الملك المصري ابنة الملك الحوري، وبعد ذلك استقرت أمور شمال بلاد الشام للحوريين بينما بقي جنوبها مع المصريين. لكن خلال هذه الفترة ادعى الملك الأموري «عبدي عشيرتا» بالرغبة بتوحيد بلاد الشام، وبدأ يستولي على الإمارات الكنعانية والأمورية، وهكذا استطاع بسط سيطرته ومن بعده ابنه «عزيرو» على كل بلاد الشام.

وقد كان الحيثيون يدعمون عبدي وابنه في توحيد بلاد الشام، وقد انتظروا حتى توحدت على أيديهم ثم غزوها وضموها إلى أراضيهم. وقد حاولت بعض مدن بلاد الشام المقاومة مثل أوغاريت لكنها فشلت. وقد أحس الفرعون «سيتوس الأول» بخطر الحيثيين ولذلك سار واسترجع بعض المدن الشامية مثل مجدو وحوران وبعض المدن التي تقع اليوم ضمن حدود لبنان. وحينها عقد الملك الحيثي «موواتالي» معاهدة سلامٍ مع المصريين بحيث يبقى الجزء الشمالي من بلاد الشام في يد الحثيين والنصف الجنوبي مع المصريين.

الغزاة اللاحقون

في عام 1190 ق.م سقطت الدولة الحيثية إثر مهاجمة الإغريق وبعض الشعوب العراقية لها من مختلف الجهات.وخلال ذلك الحين استغل الملك الآشوري «تجلات بلاسر الأول» (من 1090 إلى 1116 ق.م) الفرصة واجتاح جنوب سوريا، وأجبر مدينة جبيل على دفع الجزية واستولى على جزيرة أرواد لمدةٍ من الزمن، ولكن لم تكن فترة حكم الآشوريين طويلة كما أنها اقتصرت على مساحة صغيرة من أراضي الكنعانيين. وجاء في المختصر في أخبار البشر لأبي الفداء: نزل كنعان في الشام ونزل في جهة فلسطين، وتوارثها بنوه، وكان كل من ملك من بني كنعان يلقب جالوت، إِلى أن قتل داود جالوت آخر ملوكهم، وكان اسمه كلياد عن البيروني ذكر ذلك في أواخر كتاب الجواهر، فتفرقت بنو كنعان وسار منهم طائفة إلى المغرب وهم البربر.

الحضارة الكنعانيين

كنعانيون
معلومات عامة
الاسم الأصل
𐤊𐤍𐤏𐤍 (بالفينيقية)
سُمِّي باسم
النسبة
cananeu (بالكتالونية)
cananea (بالكتالونية)
القارة
الإحداثيات
32°46′00″N 35°20′00″E / 32.76667°N 35.33333°E / 32.76667; 35.33333

المجتمع

واشتهر الكنعانيون بالزراعة والصناعة وبرعوا في التعدين وصناعة الخزف والزجاج والنسيج والثياب كما برعوا في فن العمارة، وتأتي الموسيقى والأدب على رأس الهرم في الحضارة الكنعانية، حيث لم يعن شعب سامي بالفن والموسيقى كما عني به الكنعانيون، فقد اقتبسوا كثيراً من عناصر موسيقاهم من شعوب مختلفة توطنت الشرق الأدنى القديم، وذلك لأن طقوس العبادة الكنعانية كانت تقتضي استخدام الغناء، وهكذا انتشرت ألحانهم وأدوات موسيقاهم في جميع بقاع المتوسط.[8][17]

ظهرت التأثيرات الكنعانية المحلية على مختلف فلسطين من أسماء آلهتهم أمثال داجون وعشتروت، والحياة الدينية عند سكان الساحل الفلسطيني كنعانية الأصل، وكذلك المباني الدينية وأهمها سلسلة المعابد المتعاقبة في تل القصيلة التي أنشات على غرار المعابد الكنعانية مع ما يظهر عليها من تأثيرات مصرية.

الطقوس الدينية

الاغتسال والتطهر
كان الاغتسال أو التطهّر يجري بواسطة أربعة أشياء عند الكنعانيين، أولاً
الماء وقد كان عليهم وفق العقيدة الاغتسال يومياً، وكان الاغتسال بعد الحرب ضرورياً أيضاً لأنها تعتبر جريمةً يجب إزالة كلّ أثرٍ لها. ثانياً: الزيت وقد كان يستخدمه الملوك غالباً وقد كان الدهان الأرجواني يشفي من بعض الأمراض حسب عقيدتهم، وقد كان على الملك الاغتسال بالزيت قبل تولّي الحكم. ثالثاً: النار التي كانت من أعظم وسائل التطهر عندهم، وقد كانت النار تستخدم دائماً لتطهير الذبائح. رابعاً: الصلاة.
دق الطبول وصهر التماثيل
كان دق الطبول طقساً تطهيرياً الغرض منه إبعاد الأرواح الشريرة (كما يعتقدون)، وقد كان صهر التماثيل تطهيرياً أيضاً وذلك لأنه كان يُتم بالنار.
القرابين
كانت القرابين توضع مع الموتى، وقد عثر على قرابين تمثل حيواناتٍ في بعض بقايا المدن القرطاجية، وهناك إناءٌ خاصٌّ للقرابين به سبعة أوعيةٍ كلٌّ منها على شكل زهرة سوسن.
الألواح الجنائزية
كانت هذه الألواح تثبت بواسطة الطين أمام القبور، وأحيانا تمثل الألواح وجه الميت أو تكون اللوحة زخرفاً مثلثاً.
التماثيل
كانوا يصنعون من الطين أيضا تماثيل للألهة والأشخاص والحيوانات. وعصر الكنعانيين غني بالحلي والمجوهرات. فهنالك أقراط وخواتم وأساور من الفضة والذهب. وكانوا يستعملون الخرز بكثرة ويصنعنونه من العقيق الأحمر المحزز، ومن الحجر الجيري. وباشروا في أوائل هذا العصر بحفر العاج فأخذا هذا الفن يترعرع حتى بلغ أوجه في القسم الثاني من ذلك العهد. وكانوا يصنعون الخناجر الذهبية للاستعمال في الحفلات، كما كانوا يتحلون بالقلائد المصنوعة من الذهب والمرصعة بالحجارة الكريمة.;الأعياد: من الأعياد التي كان يُقيمها الكنعانيون: الأدونيات، عيد الهفريس، أعياد ملكارت، أعياد رشف، أعياد ياشمون.

اللغة

كان الكنعانيون يتحدثون الكنعانية، وهي لغة سامية مشابهة للغة الساميين الشماليين الغربيين (العموريون) والتي تربطهم علاقة لغوية وثيقة، وقد تزامنت هجرتهم إلى بلاد الشام معهم. وقد انتشرت اللغات الكنعانية في أرض كنعان التي تشمل أساساً فلسطين والساحل الغربي للبنان والجنوب الغربي من سوريا على لسان الكنعانيين بعد هجرتهم إليها، وكانت هذه اللغات عبارة عن مجموعة من اللهجات المتقاربة من بعضها البعض في الصفات اللغوية. اللغة الوحيدة من عائلة اللغات الكنعانية التي لا تزال مستخدمة حتى اليوم هي اللغة العبرية.[18] كان للكنعانيين لهجة خاصة تمثل أحد فروع اللغات السامية التي تجمعها واللغة العبرية والأُغاريتية والمؤابية والأدومية قرابة واضحة. وقد كتب الكنعانيون في البداية كتابة تصويرية خاصة بهم، ثم اخترعوا كتابة  ألفبائية في أُوغاريت، ذات شكل مسماري، وكتابة ألفبائية أخرى في جبيل، دعيت باسم «الكتابة الفينيقية».[19]

المدن الكنعانية

لم يشكل الكنعانيون دولة موحدة، بل كانت لهم بضع دول في بلاد الشام. واستقرت في الشريط الساحلي والجزء الشمالي والغربي، وأسست فيه حضارات ومدن وممالك كمملكة إبلا، ومملكة يمحاض في حلب، ومملكة أوغاريت قرب اللاذقية، وأطلق تجار اليونان على الكنعانيين من سكان الساحل في جزيرة أرواد وجبيل وصيدا وصور اسم الفينيقيين.[20] من أقدم المدن الكنعانية الباقية حتى اليوم:

أريحا، أسدود، عكو (عكا) ، غزة ، المجدل ، يافي (يافا) ، أشكلون (عسقلان) ، بيت شان (بيسان) ، الخليل وهناك أيضاً العديد من المدن والقرى منها ما بقي حتى اليوم ومنها ما اندثر، وقد كانت شكيم العاصمة الطبيعية لكنعان.[9] تعني كلمة شكيم المنكب أو الأرض المرتفعة، وموقع المدينة في الغالب شرق مدينة نابلس الحالية إلى الشمال قليلا من القرية المعروفة اليوم باسم بلاطة البلد، وجاء في التوراة أن يعقوب حينما أتى إلى شكيم وأذن له بالنزول بجوارها، كان حاكم المدينة حمور الحوى الكنعاني وذكرت أن اسم ابنه كان شكيم أيضاً.[8][21]

بذل الإسرائيليون الجهد الكبير لإيهام العالم بأنهم هم الذين كانوا بناة الحضارة الكنعانية، وأصحاب الأناشيد والتراتيل والغناء، وقد تمكنوا فعلاً من جعل الوهم حقيقة في عقول الكثيرين، إلا أن المؤرخين الكبار الثقات أمثال (جيمس هنري برستد) الذي يصف المدن الكنعانية المزدهرة يوم دخلها العبريون بقوله أنها كانت مدنا فيها البيوت المترفة المريحة، وفيها الصناعة والتجارة والكتابة والمعابد وفيها الحضارة التي سرعان ما اقتبسها العبريون الرعاة البدائيون، فتركوا خيامهم وقلدوهم في بناء البيوت، كما خلعوا الجلود التي ارتدوها في الصحراء، وارتدوا الثياب الصوفية الزاهية الألوان، وبعد فترة لم يعد بالإمكان أن يفرق المرء بين الكنعانيين والعبرانيين بالمظهر الخارجي ، وبعد دخول الفلسطينيين من جهة البحر والإسرائيليين من جهة الأردن، توزعت أرض كنعان بين الأقوام الثلاثة، ولم يعد الكنعانيون وحدهم سادة البلاد، غير أن اللغة الكنعانية بقيت هي السائدة.[8][1][22]

ومنذ فجر التاريخ المكتوب أي منذ خمسة آلاف سنة لم تعرف فلسطين حتى عهد الانتداب البريطاني سنة 1917 سوى لغات ثلاث: الكنعانية أولاً، والآرامية ثانياً، -وهي اللغة التي تكلم بها السيد المسيح- والعربية ثالثاً.[8]

انظر أيضًا

وصلات خارجية

مراجع