في بعض مناطق العالم، بعض «الفصول» أو «المواسم» الأخرى تكتسي طابعا زمنيا الأحداث البيئية التي تقع فيها، مثل موسم الأعاصير الأطلسية، موسم الأعاصير القمعية وموسم الحرائق. أهم المواسم التي استخدمت خلال التاريخ كانت أخيت (موسم الفيضانات) وبيريت (موسم النمو) وشمو (موسم قلة المياه) التي تحدد الفيضان النوعي السنوي لنهر النيل في مصر.
بغض النظر عن الوقت من السنة، يشهد نصف الأرض الشمالي وكذلك نصفها الجنوبي دائما فصولا متعاكسة. وهذا لأنه غضون الصيف أو الشتاء تتعرض جهة واحدة للإشعاع الشمسي أكثر من الجهة الأخرى، وهذا يتبادل نظراً لدوران الأرض حول الشمس. ولنصف السنة تقريباً (من حوالي 20 مارس إلى حوالي 22 سبتمبر) يواجه النصف الشمالي الشمس، مع أقصى قدر يوم 21 يونيو. وللنصف الآخر من السنة الآخر يحدث نفس الشيء في النصف الجنوبي، مع أقصى قدر في 21 ديسمبر. ويسمى الميقاتين حيث الشمس عمودية مباشرة على خط الاستواء اعتدالين: ربيعي وخريفي. في نفس الوقت، يكون القطب الشمالي والجنوبي على خط الغلس، ويكون اليوم والليلة متساويين خلال هٰـذين اليومين. أثناء الاعتدال الربيعي، يشهد نصف الأرض الشمالي بداية فصل الربيع مع زيادة ساعات النهار، وفي نصف الكرة الجنوبي تشهد تلك المناطق بداية فصل الخريف مع تزايد في عدد ساعات الليل.
يظهر تأثير الميل المحوري جليا في تغير طول النهاروسمت الرأس للشمس خلال الظهر (استقرار الشمس في كبد السماء) خلال سنة.زاوية الشمس القليلة خلال الشتاء تعني أن أشعة الشمس تنتشر على مساحات واسعة من الأرض، لذا فإن الضوء المستقبٓل غير مباشر أكثر وأقل شدة. وبين هذا التأثير وانحسار ساعات النهار، يعد الميلان المحوري للأرض سببا في أكثر التغيرات الموسمية في المناخ بكلا نصفي الكرة الأرضية.
شجرة نفضية في الشتاء
الفصول البيئية الستة
أشجار حمراء وخضراء في فصل الخريف
المدار حول الشمس
مقارنة بالميل المحوري، هناك عوامل أخرى تساهم قليلا في التغير الحراري الموسمي. الفصول ليست نتيجة تغير المسافة بين الأرض والشمس، وذلك بسبب مدارها الإهليجي.[5] في الحقيقة تصل الأرض الحضيض (أقرب نقطة إلى الشمس) في يناير، وتصل الأوج (أبعد نقطة عن الشمس) في يوليو، لذا فمشاركة الانحراف المداري يعكس الحرارة السائدة خلال الفصول في النصف الشمالي.[6] على العموم، تأثير الانحراف المداري في الفصول على الأرض هو تغير 7% من نور الشمس المتلقى.
يمكن للانحراف المداري أن يؤثر في الحرارة تأثيرا صغيرا؛ تظهر الأبحاث أن الأرض تصبح أدفئ عندما «تبتعد» عن الشمس، وهذا لأن النصف الشمالي به أراض أكثر من النصف الجنوبي، وأن الأرض تكون أدفئ مقارنة بالبحر.[6] أي تأثير ملحوظ للشتاء والصيف نظرا لمدار الأرض البيضوي ينسب لكثرة الماء في النصف الجنوبي.[7]
البحر ونصف الأرض
تعتمد التغييرات الفصلية الموسمية على عوامل منها القرب من المحيطات أو المسطحات المائية الكبيرة الأخرى، التيارات المحيطية في هذه المحيطات، تذبذب الجنوب بظاهرة النينو ودورات المحيط الأخرى، والرياح السائدة.
في المناطق المعتدلة والقطبية، يلاحظ تغير الفصول من خلال تغير كمية ضوء الشمس، الذي يؤثر أيضاً في دورة النوم عند النباتات والسبات عند الحيوانات. وتختلف هذه التأثيرات مع اختلاف أحجام مسطحات المياه. على سبيل المثال، يوجد القطب الجنوبي في وسط القارة القطبية الجنوبية حيث توجد مسافة معتبرة عن تأثيرات المحيط الجنوبي. يقع القطب الشمالي في المحيط المتجمد الشمالي، حيث تدعم المياه هناك ارتفاع درجات الحرارة. النتيجة تتمحور في الآتي: الشتاء في القطب الجنوبي يكون أبرد من الشتاء في القطب الشمالي. دورة الفصول في النطاقات المعتدلة والقطبية متضاد فيما بينهما، عندما يكون الصيف في النصف الشمالي، يكون الشتاء في النصف الجنوبي، وهكذا دواليك.
في التعريف المناخي، الانقلاب الصيفيوالانقلاب الشتوي (أو الإشعاع الشمسي الأقصى والأدنى على التوالي) لا يقع وسط الصيف أو الشتاء، بل إن المقاييس القصوى تتأجل حتى سبعة أسابيع قادمة بسبب التأخير الموسمي. ولذلك فإنه لا تعرف الفصول حسب التعريف المناخي.
إن التعريف المبني على تقويم الرزنامة مطلق أكثر من اعتماده على مفاهيم متغيرة. ولذلك، فلو شوهد نشاط الأزهار في الربع الأبرد من السنة في منطقة معينة، فإنه سيعتبر شتاء باعتماد الدمج التقليدي بين تفتح الأزهار وفصلي الربيعوالصيف.
بالإضافة إلى ذلك يعتبر تغير الفصول في نفس التواريخ في أي مكان يستعمل تقويما مشتركا بغض النظر عن تغير المناخ من منطقة إلى أخرى. معظم الرزنامات تستعمل نظام أربعة فصول لتمييز الفصلين الأدفئ والأبرد، بينهما فصلين انتقاليين.
في السويدوفنلندا، يستعمل علماء الأرصاد تعريفا غير مبني على التقويم، لكن مبني على درجة الحرارة. يبدأ فصل الربيع عندما ترتفع معدلات درجة الحرارة اليومية بشكل دائم عن 0° مئوية، ويبدأ الصيف عندما ترتفع الحرارة بشكل دائم عن 10° مئوية، وينتهي عندما تهبط بشكل دائم عن 10° مئوية، ويبدأ الشتاء عندما تهبط درجات الحرارة بشكل دائم عن 0° مئوية. ويقصد بـ«شكل دائم» هنا أن تتعدى أو تهبط درجات الحرارة عن الحد مدة سبعة أيام متتالية. وهذا ينتج عنه ملاحظتان أولاهما أن الفصول لا تبدأ في تواريخ محددة، لكن يجب تحديد هذه التواريخ عن طريق الملاحظة، أما ثانيهما أن الفصل يبدأ بتواريخ مختلفة في أنحاء مختلفة من البلد. في بريطانيا العظمى، تحدد بداية فصل الربيع عندما تتعدى درجات الحرارة القصوى خلال اليوم 10° مئوية، بعد عدة أيام متواصلة. وهذا يحدث غالبا في مارس، ولكن بسبب ظاهرة الاحترار العالمي فإن درجة الحرارة هذه ليست غير شائعة في الشتاء.
يبين الرسم التوضيحي التالي العلاقة بين خط الانقلاب وخط القبا للأرض بمدارها البيضوي (الذي مثل في الشكل بشكل مبالغ فيه لتوضيح الفرق) الذي يذهب عبر صور الأرض الستة الممثلة في الشكل كالأوجوحضيض لها.
هذه الفصول «الفلكية» ليست بطول متساوٍ، بسبب الطبيعة الإهليلجية (البيضوية) لمدار الأرض، كما اكتشفه يوهانز كيبلر. يدوم اعتدال مارس 92.75 يوماً، ثم 93.65 يوما حتى ينتهي انقلاب يونيو، 89.85 يوما يدومها اعتدال سبتمبر و88.99 يوما يبقى فيها انقلاب ديسمبر.
التغير بسبب عدم توافق التقويم
موعد الانقلابات والاعتدالات ليس ثابتا باعتماد التقويم الغريغوري الحديث، لكن يقع بداية هذه الفصول بتأخر ستة أيام في السنة، أو يوما واحدا في أربع سنوات. وهذا ما يجعل السنة الرابعة سنة كبيسة. صمم التقويم الغريغوري لجعل فصل الربيع دائما يبدأ في 21 مارس، توقعا وحدوثا.
الاعتدال التقويمي (المستخدم في حساب موعد عيد الفصح) هو 21 مارس، نفس التاريخ الذي احتفل فيه به في زمن مجمع نيقية سنة 325. حاليا، التواريخ الشائعة للاعتدالات والانقلابات هي 20 مارس، 21 يونيو، 22 أو 23 سبتمبرو21 ديسمبر؛ وتتراجع هذه التواريخ بتقدم القرن. ويحدث هذا التراجع بمعدل يوم واحد كل 128 سنة (ويرجع ذلك إلى قاعدة اليوم الواحد المضاف في «السنة الكبيسة» بالتقويم الغريغوري)، وبما أن سنة 2000 كانت سنة كبيسة فإن التراجع بدأ منذ بدايات القرن العشرين حيث كان حلول الفصول متأخرا عما عليه اليوم. وهذا يعني أنه في بضع سنوات القرن الماضي كانت تواريخ حلول الفصول 21 مارس، 22 يونيو، 23 سبتمبر و22 ديسمبر أكثر شيوعا، كما توردها الكتب التعليمية والمدرسية القديمة (ويمكن للكبار في السن تذكر هذه التواريخ).
يذكر أن المواقيت حسب التوقيت العالمي الموحد (بمعنى أوضح توقيت غرينتش، بدون اعتماد التوقيت الصيفي البريطاني). من ناحية، فالسكان في أقصى الشرق (آسياوأستراليا) حيث يتقدم التوقيت بساعات كثيرة، يلاحظون بداية الفصول الفلكية بتأخير، مثلما حدث في تونغا (UTC+13) حيث بدأ اعتدال سبتمبر في 24 سبتمبر1999، تاريخ لن يتكرر حتى عام 2103.ومن ناحية أخرى، السكان في أقصى الغرب (أمريكا) حيث التوقيت متأخر عن توقيت غرينتش يشهدون بداية اعتدال مارس في اليوم التاسع عشر منه.
التغير عبر الزمن
عبر عشرات آلاف من السنين، يتغير محور الأرضوالانحراف المداري (انظر دورات ميلانكوفيتش). تتحرك الاعتدالات والانقلابات نحو الغرب نسبة للنجوم بينما يتحرك الأوج والحضيض ناحية الشرق. لذلك، بعد 10,000 سنة، سيقع الشتاء الشمالي في الأوج والصيف الشمالي في الحضيض. ستتغير عبر الزمن أيضاً شدة التغيرات الموسمية -معدل فرق الحرارة بين الصيف والشتاء حسب المنطقة- بسبب تغير ميلان المحور الأرضي بين 21.8 و23.44 درجة. تحدث بعض التعديلات الصغيرة عبر الزمن بتدخل القمر وكواكب أخرى.
تستعمل بعض الرزنامات في جنوب آسيا نظام ستة فصول حيث يتنوع عدد الفصول بين الصيفوالشتاء من واحد إلى ثلاثة. في التقويم الهنديللهند المدارية وشبه المدارية، هناك ستة فصول (بالبنغالية: ঋতু ريتو) لديها تواريخ محددة. وهذه الفصول موزعة لشهرين من الشهور الإثنا عشر لكل فصل.
يأتي الضوء الأول في أواخر يناير بسبب الشفق الذي يتشكل في الأفق مع بداية تزايد ساعات النهار كل يوم، ولأكثر من شهر قبل أن يظهر قرص الشمس فوق الأفق. وفي الفترة من منتصف نوفمبر إلى منتصف يناير، لا يوجد شفق في السماء.
في الأسابيع المحيطة ب21 يونيو وذلك في المناطق القطبية الشمالية، تكون الشمس في أقصى ارتفاعاتها، وتظهر كأنها تدور في السماء دون الهبوط تحت خط الأفق. ومن ناحية أخرى فإنها تغوص تحت الأفق كل يوم حوالي منتصف أكتوبر، حيث تختفي حتى تعود في فبراير الموالي. ولأسابيع أخرى يتميز «النهار» بوجود فترات الشفق. ومن منتصف نوفمبر إلى منتصف يناير، لا يوجد شفق بل عشرات الأيام من الظلام الحالك المستمر. في منتصف يناير تبدأ بوادر الشفق في الظهور مجدداً (مجرد دقائق معدودات من اليوم)، ثم تطول مدته مع تقدم الأيام ويزداد ضياءه كل يوم حتى شروق الشمس نهاية فبراير، ثم في 6 أبريل تبقى الشمس فوق الأفق حتى منتصف أكتوبر مع بروز ظاهرة شمس منتصف الليل.
تعريف غير مبني على التقويم
إيكولوجياً، نتحدث عن فصل باعتباره فترة من السنة حيث تقع أحداث نباتية وحيوانية (مثال: تفتح الزهور في الربيع، سبات القنافذ في الشتاء). إذاً، لو كان يمكن مشاهدة تغيير يومي في الأحداث سواء كانت نباتية أو حيوانية، فإن الفصل يتغير إلى فصل آخر. وبهذا المعنى يتم تعريف الفصول الإيكولوجية بتعاريف مطلقة، عكس طرق اعتماد التقويم حيث الفصول نسبية. إذا كانت هناك أحوال مترافقة مع فصل إيكولوجي معين لا تحدث عادة في منطقة محددة، فإنه لا يقال أن تلك المنطقة تختبر ذلك الفصل بأساس عادي.
الفصول البيئية الحديثة للعروض الوسطى
يمكن ملاحظة ستة فصول لا تعتمد على تواريخ ذات أساس تقويمي مثل الفصول المناخية والفلكية.[18] في المناطق المحيطية المعتدلة يحدث بداية الفصل الشتوي حتى شهر بعد بدايته في مناطق المناخ القاري، بينما يبدأ الفصل ما قبل الربيعي والربيعي شهراً متقدما في المناطق الساحلية. على سبيل المثال، يبدأ نمو وتكاثر الزعفران مبكرا في فبراير بالمناطق الساحلية المعتدلة في كولومبيا البريطانية، الجزر البريطانية وغربي وجنوبي أوروبا. تتغير التواريخ الحالية لكل فصل حسب مناخ المنطقة ويمكنه التغير من عام إلى آخر. التواريخ المتوسطة في اللائحة هنا هي للمناطق المعتدلة في نصف الكرة الشمالي.
الصيف الأول: يبدأ في يونيو. تكتمل أوراق الشجر ويفقس بيض الطيور التي يبدأ تربيتها.
الصيف المتأخر: يبدأ في أواسط إلى أواخر أغسطس. تتغير ألوان أوراق الأشجارالنفضية. تبلغ الطيور الشابة مرحلة البلوغ وتنضم للطيور البالغة أثناء التحضير لهجرة الخريف. يبدأ موسم الحصاد التقليدي.
الخريف: يبدأ عموماً في وسط أو أواخر سبتمبر. يتغير لون أوراق الأشجار إلى اللون البني وتسقط على الأرض. تهاجر الطيور عائدة إلى مساكن الشتاء.
الشتاء: يبدأ في نوفمبر أو ديسمبر. تكون الأشجار النفضية عارية وتبدأ الأوراق المتساقطة سابقا في التحلل. تستقر الطيور المهاجرة في مساكن الشتاء.
الفصول البيئية المدارية
في المدارين، حيث تختلف مواعد الفصول أيضاً، يكون شائعاً جداً الحديث عن موسم رطبوموسم جاف. مثلاً في نيكاراجوا يسمى الموسم الجاف (من نوفمبر إلى أبريل) «صيفاً» والموسم المطير (من مايو إلى أكتوبر) «شتاء»، حتى لو كانت هذه الأرض في نصف الأرض الشمالي حيث من المفترض وقوع عكس التواريخ بالنسبة للفصول. في بعض المناطق المدارية يستعمل تقسيم السنة إلى ثلاثة فصول: حار، مطير، معتدل. ليس هناك تغيير ملحوظ في كمية ضوء الشمس عند القياس في فترات مختلفة من السنة.
يعتمد اختلاف النشاط النباتي والحيواني أكثر على فترات الرطوبة/الجفاف منه عن تغيرات درجات الحرارة الموسمية، مع إزهار العديد من النباتات في أوقات قبل، أثناء أو بعد الموسم المطير. أيضاً، تتميز منطقة المدارين ب«فصول مصغرة» داخل الفصول الكبيرة.