يوجد البروم في الظروف القياسية من الضغط ودرجة الحرارة على هيئة سائل مدخّن ذي لون بنّي محمرّ، وهو يعطي أدخنةً من نفس اللون. البروم والزئبق هما العنصران الوحيدان في الطبيعة اللذان يوجدان في الطور السائل عند درجة حرارة الغرفة. إنّ عنصر البروم نشيطٌ كيميائياً، ولذلك لا يوجد على شكله العنصري الحرّ في الطبيعة، ولكن على شكل مركّبات البروميدات؛ وتُسهّل الانحلالية المرتفعة لأيون البروميد من تجمّعه في مياه المحيطات؛ ومن السهل لذلك استحصال هذا العنصر تجارياً من البحيرات تحت سطح البحر. يشكّل البروم عدداً معتبراً من مركّبات البروم العضوية، والتي تتفكّك عند درجات حرارة مرتفعة لتعطي ذرّات البروم الحرّة، وهي عملية توقف تشكّل الجذور الكيميائية الحرّة في التفاعلات التسلسلية الكيميائية. تجعل هذه الظاهرة من مركّبات البروم العضوية مفيدةً في تثبيط الحرائق، وحوالي أكثر من النصف من كمّيّة البروم المنتجة عالمياً تُستخدَم لذلك الغرض. يحدث هذا التفكّك أيضاً عند تعرّض مركّبات البروم العضوية إلى الأشعّة فوق البنفسجية، ممّا يطلق ذرّات البروم الحرّة إلى الغلاف الجوّي مسبّباً نضوب الأوزون. لذلك فإنّ العديد من مركّبات البروم العضوية، مثل مبيد الآفاتبرومو الميثان، لم تعد في طور الاستخدام. من جهةٍ أخرى، لا تزال مركّبات البروم مستخدمةً في مجال سوائل الحفر وفي مجال أفلام التصوير الضوئي وفي صناعة الكيماويات العضوية.
يؤدّي تعرّض الإنسان إلى كمّيّات كبيرة من أملاح البروميد إلى حدوث تسمّم بالبروم.[ملاحظة 3] من جهةٍ أخرى، لمركّبات البروم العضوية دورٌ في بعض أنواع الحياة البحرية مثل الطحالب. كانت أيونات البروميد البسيطة مستخدمةً في مجال الأدوية، حيث أنّ لها تأثير مثبّط على الجهاز العصبي المركزي، ولذلك كانت تستخدم على شكل مهدّئات، قبل أن تُستبدَل بأدويةٍ ذات تأثير أقصر أمداً؛ لكن لا يزال لها تطبيق صغير في مجال مضادّات الاختلاج.
التاريخ
اكتُشِفَ عنصر البروم بشكلٍ مستقلٍّ من كيميائِيَّين اثنين، وهما كارل ياكوب لوفيغ[2]وأنطوان جيروم بالارد[3][4] وذلك في سنتي 1825 و1826، على الترتيب.[5] قبل ذلك في سنة 1824 كان يوستوس فون ليبيغ يقوم بتحاليل للمياه ووجد مادّة جديدة، ولكنه اعتقد أنها أحادي كلوريد اليود، ثمّ أقرّ لاحقاً بعدم صواب رأيه، وأشاد بعمل لوفيغ.[6][7] ففي سنة 1825 تمكّن لوفيغ من عزل البروم من عيّنات لنبعٍ للمياه المعدنية في مدينة باد كرويتسناخ، وهي مسقط رأسه في ألمانيا؛ حيث استخدم محلولاً من الملح المعدني مشبعاً بالكلور، ثم استخلص البروم باستخدام ثنائي إيثيل الإيثر. عدما قام بتبخير الإيثر، حصل على سائلٍ بنّيٍ من البروم؛ والذي أخذ عينة منه مثالاً على تجاربه الناجحة أثناء التقدّم على وظيفة في مختبرات ليوبولد غملين في جامعة هايدلبرغ. إلّا أنّه تأخّر في نشر نتائجه، إذ سبقه بالارد في ذلك.[8] ففي فترةٍ زمنيةٍ مقاربةٍ كان بالارد يجري تجاربه على رماد العشب البحري من مستنقعات ملحية في مدينة مونبلييه، مسقط رأسه في فرنسا. كان العشب البحري يُجمَع في تلك الآونة من أجل الحصول على اليود، ولكنّه كان حاوياً أيضاً على البروم، وعندما قَطَّر بالارد محلولاً من رماد الأعشاب البحرية المشبع بالكلور حصل على سائلٍ بنّيٍ من البروم. كانت خواص المادّة الجديدة الناتجة وسطاً بين الكلور واليود، ولذلك فإنّه حاول في البداية أن يُثبت أنّ المادّة هي أحادي كلوريد اليود، ولكنّه لم ينجح بذلك، فتيقّن أنّها لعنصرٍ جديد، وأسماه موريد muride، وذلك من الكلمة اللاتينيةموريا muria، والتي تعني الأجاج.[4][9][10]
يُستخرَج البروم من الأجاج والبحيرات المالحة بسبب توفّره فيها،[19] ممّا يجعل من تلك المصادر الطبيعية مجديةً اقتصادياً لاستخراج البروم.[20][21] ازداد الإنتاج العالمي من البروم منذ منتصف القرن العشرين، ففي سنة 1961 كان الإنتاج حينها حوالي 100 ألف طن، ووصل إلى حوالي خمسة أضعاف تلك الكمّيّة في أوائل القرن الحادي والعشرين، تعدّ الولايات المتّحدة والصين والأردن من الدول الرائدة في إنتاج البروم.[19]
تُجمّع أبخرة البروم بواسطة تيّار من البخار، ثم يُكثّف ويُنقّى. يُخزّن البروم في حاويات معدنية مبطـّنة بالرصاص، والتي يمكن أن تسع مئاتٍ من الأطنان، ويُنقَل بالوسائط المناسبة. تعدّ صناعة وإنتاج البروم صغيرةً بالمقارنة مع صناعة الكلور، وهو متوفّر مخبرياً.[22] بالرغم من ذلك بمكن أن يُستحصَل على البروم مخبرياً من مفاعلة بروميد الصوديوم مع ثنائي أكسيد المنغنيز في وسطٍ من حمض الكبريتيك على الساخن، لتجمع حينها أبخرة البروم وتُقطّر.
النظائر
للبروم نظيرَين مستقرَّين وهما 79Br و81Br، والمتوفِّران طبيعياً بنسبةٍ مقدارها 51% و49%، على الترتيب. لكلا النظيرين دورانٌ مغزلي نووي مقداره 3/2، ولذلك يمكن أن يستخدما في الرنين المغناطيسي النووي، مع أفضلية للنظير 81Br. تفيد نسبة التوزّع المقاربة لِـ 1:1 لهذين النظيرين في الطبيعة في التعرّف على المركّبات الكيميائية الحاوية على البروم باستخدام تقنية مطيافية الكتلة.
إنّ نظائر البروم المتبقيّة هي جميعها نظائر مشعّة، وهي ذات عمر نصف قصير؛ وأهمّها النظير 80Br بنصف عمر مقداره 17.7 دقيقة، و80mBr بنصف عمر مقداره 4.421 ساعة والنظير 82Br بنصف عمر مقداره 35.28 ساعة. يمكن لهذه النظائر المشعّة أن تُنتَج من التنشيط النيوتروني للبروم الطبيعي.[23] أمّا أكثر نظائر البروم المشعّة استقراراً فهو النظير 77Br بنصف عمر مقداره 57.04 ساعة. إنّ نمط الاضمحلال للنظائر الأخفّ من 79Br هو التقاط إلكترون للتحوّل إلى نظائر السيلينيوم الموافقة؛ أمّا الأثقل من 81Br فهو اضمحلال بيتّا إلى نظائر الكريبتون الموافقة؛ في حين أنّ النظير 80Br يمكن أن يضمحلّ وفق هذَين النمطين إلى النظائر المستقرّة 80Se أو 80Kr.[24]
تخضع جميع الهالوجينات الأربع المستقرّة لذات قوى تجاذب فان دير فالس، والتي تزداد قوّتها مع ازدياد عدد الإلكترونات بين جزيئات الهالوجين ثنائية الذرّة المتجانسة. بالتالي فإنّ نقطتي غليانوانصهار البروم تكون وسطاً بين تلك التي للكلور واليود. كما أنّه نتيجةً لازدياد الوزن الجزيئي للهالوجينات نزولاً في المجموعة فإنّ كثافةوحرارة الانصهاروحرارة التبخّر للبروم هي أيضاً ذات قيمة تقع بين تلك التي للكلور واليود؛ على الرغم من انخفاض قيم حرارة التبخّر على العموم بالنسبة للهالوجينات، ممّا يؤدّي إلى تطايرها، وذلك بسبب البنية الجزيئية ثنائية الذرّة.[23] يغمقّ لون الهالوجينات نزولاً في المجموعة، فالفلور غازٌ ذو لون أصفر شاحب جدّاً، أمّا لون غاز الكلور فهو أصفر مخضرّ، في حين أنّ البروم هو سائل متطاير ذو لون بنّي محمرّ، والذي ينصهر عند −7.2 °س ويغلي عند 58.8 °س؛ في حين أنّ اليود هو صلبٌ بنفسجيٌّ غامق إلى أسود. تحدث هذه النزعة في تغيّر درجة اللون إلى الدُكْنَة بسبب أنّ أطوال الموجة من الضوء المرئي الممتصّ من الهالوجين تزداد نزولاً في المجموعة؛[23] وذلك بدوره عائدٌ إلى الانتقالات الإلكترونية الداخلية بين أعلى مدار جزيئي مشغول غير رابط πg وأدنى مدار جزيئي غير مشغول غير رابط σu.[26] يبهُت لون البروم عند درجات حرارة منخفضة بشكل كبير، بحيث أنّ البروم الصلب عند درجة حرارة −195 °س يكون ذا لون أصفر شاحب.[23]
كما هو الحال مع الكلور واليود في الحالة الصلبة، يتبلور البروم الصلب وفق نظام بلّوري معيني قائم، وذلك ضمن شبكة بلّورية ذات طبقات من جزيئات Br2. تبلغ المسافة Br–Br في البروم الصلب مقدار 227 بيكومتر (وهي قريبة من مسافة طول الرابطة Br–Br في البروم الغازي والتي تبلغ 228 بيكومتر)؛ أمّا المسافة Br···Br بين الجزيئات فهي 331 بيكومتر داخل الطبقة نفسها، في حين أنّها تبلغ 399 بيكومتر بين الطبقات. تعني هذه البنية أنّ البروم هو موصل سيئ للكهرباء، حيث تبلغ قيمة الموصلية 5 × 10−13−1Ω سم−1 وهي مقيسة بالقرب من نقطة الانصهار، ورغم ذلك فإنّها أفضل من قيمة موصلية الكلور التي يصعب عملياً قياسها من أصلها.[23] عند قيمة ضغط تبلغ 55 غيغاباسكال (GPa) فإنّ البروم يخضع لظاهرة تحوّل من عازل إلى فلزّ؛ أمّا عند ضغط مطبّق مقداره 75 غيغاباسكال فإنّ البنية البلّورية تتغيّر إلى نظام بلّوري معيني قائم مركزيّ الوجه؛ في حين أنّ تطبيق ضغط مقداره 100 غيغاباسكال يغيّر البنية البلورية إلى نظام بلّوري معيني قائم أحادي الذرّة مركزي الجسم.[27]
الخواص الكيميائية
طاقات الروابط لدى الهالوجينات معبّر عنها بالكيلوجول/مول[26]
X
XX
HX
BX3
AlX3
CX4
F
159
574
645
582
456
Cl
243
428
444
427
327
Br
193
363
368
360
272
I
151
294
272
285
239
البروم هو العنصر الثالث في الترتيب في مجموعة الهالوجينات، بالتالي فهو لا فلز، وهو يقع في المجموعة السابعة عشر (المجموعة السابعة وفق ترقيم المجموعات الرئيسية) في الجدول الدوري. للبروم خواصٌ كيميائية مشابهة لباقي الهالوجينات، وهي عادةً ما تميل لأن تكون وسطاً بين مجاوريه من العنصرين الأعلى (الكلور) والأسفل (اليود) منه. يحوي البروم مثل باقي الهالوجينات على سبعة إلكترون تكافؤ في الغلاف الإلكتروني الخارجي، بالتالي ينقصه إلكترون واحد ليحقّق قاعدة الثمانيات؛ ولذلك فإنّه من المؤكسدات القويّة، وهو نشيطٌ كيميائياً ويتفاعل مع العديد من العناصر الكيميائية الأخرى.[23] ترفع الرطوبة من تفاعلية البروم بشكلٍ كبير؛ ولا يقاوم البروم الرطب إلا عددٌ قليلٌ من الفلزّات، من ضمنها التانتالوموالبلاتين.[28]
وفقاً للاتجاهات الدورية فإنّ قيم الكهرسلبية للبروم هي واقعةٌ أيضاً بين تلك التي لقيم الكلور واليود: (F: 3.98, Cl: 3.16, Br: 2.96, I: 2.66)؛ بالتالي من حيث النشاط الكيميائي هو أضعف من الكلور وأقوى من اليود. بشكلٍ معاكس، فإنّ أيون البروميد هو مختزل أضعف من اليوديد، ولكنّه أقوى من الكلوريد.[23] يقع نصف القطر الذرّي للبروم أيضاً بين قيم الكلور واليود، وهذا ينسحب أيضاً على قيمة طاقة التأيّن الأولى، والألفة الإلكترونية، وكذلك على حرارة التفكّك لجزيء X2، ونصف القطر الأيوني، وعلى طول الرابطة X–X.[23] تميل طاقات الروابط لدى مركّبات البروم لأن تكون أقلّ من نظيرتها لدى مركّبات الكلور وأعلى من التي لدى مركّبات اليود؛ كما تظهر حقيقة أنّ البروم مؤكسدٌ أضعف من الكلور وأقوى من اليود من خلال قيم الكمون القياسي للزوج X2/X− حيث أنّها في الفلور F بمقدار +2.866 V وفي الكلور +1.395 V وفي البروم +1.087 V وفي اليود +0.615 V. تؤدّي البَرْوَمة إلى حالات أكسدة أعلى من اليَودَدة، ولكنّها أقلّ مِنْ أو مكافئة لحالات الأكسدة في الكَلْورة. يتفاعل البروم مع الهيدروجين، ولكن على العكس من الكلور عند درجات حرارة مرتفعة، ليشكّل غاز بروميد الهيدروجين:
على العموم يميل البروم إلى التفاعل مع مركّبات من النمط M–M أو M–H أو M–C ليشكّل البروميد الموافق M–Br.[26]
المركبات الكيميائية
يشكّل البروم العديد من المركّبات الكيميائيةبحالات أكسدة تتراوح بين -1 إلى +7؛ مع العلم أنّ حالة الأكسدة -1 هي الأكثر استقراراً وشيوعاً، ويشكّلها على هيئة أنيون بروميد. أمّا حالات الأكسدة المرتفعة فيشكلّها فقط في مركّبات تكون حاويةً على عناصر ذات كهرسلبية مرتفعة مثل الأكسجين أو الفلور أو الكلور، وفيها تكون حالات الأكسدة الفردية +1 و +3 و +5 و +7 أكثر استقراراً من الزوجية.
البروميدات
إنّ أبسط مركّبات البروميدات هو مركّب بروميد الهيدروجين HBr، والذي يُحضَّر صناعياً من تفاعل الهيدروجين والبروم عند درجات حرارة مرتفعة بوجود حفّاز من البلاتين؛ أمّا مخبرياً فيمكن الحصول عليه من اختزال البروم بالفوسفور الأحمر.[29] بروميد الهيدروجين هو غازٌ حمضي، يسهل عليه التخلّي عن بروتون في الأوساط المائية مشكّلاً بذلك حمض الهيدروبروميك، وهو حمض قوي،[ملاحظة 8] وهو يشكّل العديد من الهيدرات HBr·nH2O، حيث تأخذ n القيم التالية 1 أو 2 أو 3 أو 4 أو 6.[30]
تعدّ البروميدات اللاعضوية من الناحية الكيميائية أملاحاً لحمض الهيدروبروميك، وهي متوفّرة لأغلب العناصر في الجدول الدوري، والاستثناءات هي بسبب الخمول الكيميائي كما هو الحال في الغازات الخاملة، أو بسبب عدم الاستقرار كما في العناصر الثقيلة بعد البزموت، أو بسبب الارتباط مع عناصر مرتفعة الكهرسلبية مثل الأكسجين أو الفلور أو الكلور أو النتروجين.[ملاحظة 9][31] عادةً ما يُستحصَل على البروميدات من تفاعل الفلزّ الموافق مع حمض الهيدروبروميك، ثمّ بإجراء تجفيفٍ عند درجات حرارة معتدلة، وبشكلٍ مثاليّ بوجود غاز بروميد الهيدروجين اللامائي. أمّا إذا كان البروميد غير ثابتاً تجاه الحلمهة فتُجرَى البَرْوَمة عند درجات حرارة مرتفعة باستخدام البروم أو بروميد الهيدروجين أو بروميدات اللافلزّات مثل ثلاثي بروميد البورون BBr3 أو رباعي بروميد الكربون CBr4، والتي تعدّ من العوامل المُبَرْوِمة الجيّدة؛ كما يمكن أيضاً الحصول على البروميدات الدنيا من اختزال البروميدات العليا باستخدام مختزل قويّ مثل الألومنيوم.[31]
إنّ أغلب بروميدات فلزّات العناصر قبل الانتقالية (المجموعات الأولى والثانية والثالثة بالإضافة إلى اللانثانيداتوالأكتينيدات في حالات الأكسدة +2 و +3) هي مركّبات أيونية؛ في حين أنّ بروميدات اللافلزات فتكون فيها الرابطة الكيميائية ذات سمة تساهمية، وكذلك هو الحال مع بروميدات الفلزّات في حالات الأكسدة العليا. عادةً ما تكون البروميدات ذات انحلالية جيّدة في الماء، ومن الاستثناءات كلّ من بروميد الفضةوبروميد الرصاص الثنائي.[31]
من الفلوريدات المعروفة للبروم كلّ من أحادي فلوريد البروم BrF وهو مركّب غير مستقرّ؛[32]وثلاثي فلوريد البروم BrF3 وهو سائل ذو لون أصفر فاتح ويتفاعل مع الماء وهو من المذيبات اللامائية الأيونية؛[33]وخماسي فلوريد البروم BrF5 وهو قادر على فَلورة السيليكات عند درجات حرارة تراوح 450 °س.[34] تعدّ جميع الفلوريدات المذكورة للبروم من المُفَلْورات والمؤكسدات القويّة. أمّا بالنسبة للكلوريدات فأشهرها هو أحادي كلوريد البروم BrCl، وهو مؤكسد قويّ ويتفكّك بشكلٍ عكوس إلى الكلور والبروم عند درجة حرارة الغرفة.[31] للبروم حالة أكسدة موجبة في الفلوريدات والبروميدات، بالمقابل فإنّ حالة أكسدة البروم تكون سالبة في يوديدات البروم، وأشهر تلك المركّبات هي أحادي بروميد اليود IBr وثلاثي بروميد اليود IBr3.
الأكاسيد
هناك عددٌ جيّدٌ من المركّبات الكيميائية بين البروم والأكسجين، والتي توصَف أنّها أكاسيد للبروم، وتحمل الصيغة العامّة BrOx (حيث تتراوح قيمة x من 1–4) أو Br2Ox (حيث تتراوح قيمة x من 1–7). من تلك الأكاسيد مركّب أحادي أكسيد ثنائي البروم Br2O وهو مركّب غير مستقرّ، ويُستخدَم لأغراض البَرْوَمة عند درجات حرارة منخفضة،[35] وهو مؤكسدٌ جيّدٌ حيث أنّه مثلاً قادرٌ على أكسدة البنزين إلى 4،1-بنزوكينون في الأوساط القلوية، حيث يتشكّل أنيون الهيبوبروميت؛ وهناك أيضاً ثنائي أكسيد البروم BrO2، وهو مركّب غير مستقرّ، ويتفكّك إلى العناصر المكوّنة له بسهولة. بالمقابل، يمكن عزل الأكسيدَين ثلاثي أكسيد ثنائي البروم Br2O3وخماسي أكسيد ثنائي البروم Br2O5 على شكل مركّبات صلبة.[28]
تُحضَّر أملاح البيربرومات من أكسدة محاليل البرومات القلوية بغاز الفلور، ثم تُفصَل أملاح البرومات والفلوريد الفائضة على هيئة ملحَي برومات الفضةوفلوريد الكالسيوم، على الترتيب. يعدّ حمض البيربروميك وأملاح البيربرومات الموافقة من المؤكسدات القوية، حيث أنّ الرابطة Br–O فيها ضعيفة ويسهل فصمُها.[38]
مقارنةً بباقي مركّبات الهالوجين العضوية فإنّ مركّبات البروم العضوية هي الأكثر انتشاراً في الطبيعة، فعلى سبيل المثال تطلق المحيطات حوالي 1–2 مليون طنّ من البروموفورم و56 ألف طنّ من برومو الميثان.[40] ولكن على الرغم من ذلك فإنّ تركيز أيون البروميد في مياه البحر هو حوالي 0.3% من تركيز الكلوريد؛ وذلك عائدٌ بسبب سهولة أكسدة أنيون البروميد إلى الكاتيون +Br؛ وهو إلكتروفيل قوي، ويقوم الإنزيم بروموبيروكسيداز بتحفيز ذلك التفاعل.[41]
يُستخدَم اختبار نوعي تقليدي من أجل الكشف عن مجموعة الألكينات الوظيفية، وذلك بأنّها تحوّل محاليل البروم المائية البنّية إلى عديمة اللون، حيث تشكّل مركب هالوهيدرين الموافق، بالإضافة إلى ثنائي برومو الألكانات الموافقة. يتشكّل في هذا التفاعل أيضاً ولفترة قصيرة جدّاً مركب وسطي من البرومونيوم؛ وذلك مثالٌ نمطيّ على تفاعل إضافة هالوجين.[42]
أشارت دراسةٌ في 2014 أنّ أيون البروميد هو عامل مرافق ضروريٌ من أجل الاصطناع الحيويللكولاجين من النمط الرابع[ملاحظة 10]، ممّا يجعل البروم وفق تلك الدراسة عنصراً مغذّياً رئيسياً من أجل النمو البنائي عند الحيوانات.[44] بالرغم من ذلك، لا يوجد هناك توثيق على وجود دلائل واضحة تشير إلى حدوث أعراض أو متلازمات نتيجة عوز البروم.[45] في وظائف حيوية أخرى قد يكون البروم غير أساسياً، ولكنّه قد يكون من المفيد وجوده بديلاً عن الكلور؛ فعلى سبيل المثال يقوم بيروكسيدازالخلايا الحمضية، والذي يوفّر آلية قوية للقضاء على الطفيليات متعدّدة الخلايا وبعض أنواع البكتريا، بتفضيل البروميد على الكلوريد لذلك الغرض، مشكّلاً أيون هيبوبروميت في تلك العملية.[46] عادةً ما تكون α-هالو الإسترات في الاصطناع العضوي مركّبات ذات نشاط كبير؛ إلّا أنّ بعض الثديّيات قادرٌ على الاصطناع الحيوي لآثار من α-برومو إستر، وهو 2-أوكتيل 4-برومو-3-أوكسوبوتانوات، والذي عثر عليه في السائل الدماغي الشوكي لديها، وقد يكون لهذا المركّب دورٌ وظيفي في نوم حركة العين السريعة.[40]
لا توجد تطبيقات عملية كبيرة لعنصر البروم، ولكن لمركّباته الكيميائية استخدامات كثيرة؛ فلمركّبات البروم العضوية عددٌ كبير من التطبيقات في الصناعة، والتي يُحضّر بعضها عن طريق البروم مباشرةً، والبعض الآخر عن طريق بروميد الهيدروجين، والذي يُحضَّر صناعياً من حرق الهيدروجين في البروم.[49]
مثبطات اللهب والحريق
تمثّل مثبّطات اللهب المُبَرْوَمة واحدةً من المنتجات ذات التطبيق الواسع في السوق، وهي تمثّل أكبر تطبيق تجاري للبروم. عندما تحترق أيّ مادّة على مثبّط لهب مُبَرْوَم، ينطلق بالتالي حمض الهيدروبروميك، والذي يتدخّل في آلية التفاعل التسلسلي الجذري في تفاعل الأكسدة المسيطر في الحريق؛ حيث تتفاعل الجذور الحرّة للهيدروجين والأكسجين والهيدروكسيل ذات التفاعلية الكبيرة مع حمض الهيدروبروميك لتشكّل جذور حرّة من البروم ذات تفاعلية أقلّ من السابقة. يمكن لذرّات البروم أيضاً أن تتفاعل مباشرةً مع الجذور الحرّة الأخرى وذلك يساعد على إنهاء وتثبيط التفاعلات التسلسلية المميّزة لتفاعل الاحتراق.[50][51]
يستخدَم بروميد الفضة إمّا لوحده أو بالتشارك مع كلوريد الفضة أو يوديد الفضة في تركيب المكوّنات الحسّاسة للضوء في مستحلب التصوير الفوتوغرافي.[22] كان مركب 2،1-ثنائي برومو الإيثان يضاف إلى وقود السيارات الحاوية عوامل الرصاص المضادّة لخبط المحرك، حيث كان يعمل على التقاط الرصاص مشكّلاً بروميد الرصاص، والذي كان يطلق من عادم السيارة. كان ذلك التطبيق يمثّل حوالي 77% من استخدامات البروم في أواسط ستينيات القرن العشرين في الولايات المتّحدة؛ إلّا أنّ ذلك التطبيق تناقص منذ سبعينيات القرن العشرين بسبب الضوابط البيئية.[55] كما كان برومو الميثان واسع الاستخدام في الماضي في تركيب مبيدات الآفات من أجل تعقيم التربة؛ إلّا أن تلك التطبيقات لم تعدْ مستخدمة، لأن مركّبات البروم العضوية هي عوامل مساعدة على نضوب الأوزون؛ بالتالي ووفق توصيات بروتوكول مونتريال توقّف الإنتاج العالمي من مبيدات البروم العضوية منذ سنة 2005، واستبدلت بمركّبات أخرى مثل فلوريد السلفوريل. من أجل المقارنة فإنّه في سنة 1991، وذلك قبل التطبيق الكامل لبروتوكول مونتريال، أنتج حوالي 35 ألف طن في مجال مكافحة الآفات.[56][57]
لكون البروم من المؤكسدات القويّة، فإنّه ينبغي أن يُعزَل عن أغلب المواد العضوية واللاعضوية.[59] ينبغي اتخاذ الحيطة والحذر عند التعامل مع البروم أو عند نقله؛ وعادةً ما يُنقَل البروم في حاويات مصنوعة من الفولاذ المبطـّن بالرصاص، والمدعّمة بهياكل معدنية متينة.[22]
لا يعدّ أنيون البروميد سامّاً بشكل كبير، وتبلغ الكمية الغذائية اليومية المرجعية منه 2-8 ميليغرام.[45] ولكنّ المستويات المرتفعة من البروميد توهن من أغشية العصبونات، ممّا يوهن من النقل العصبي، ممّا يؤدّي إلى مرض التسمّم بالبروم. يبلغ عمر النصف الحيوي للبروميد من 9 إلى 12 يوم، ممّا قد يؤدّي إلى التراكم في الجسد؛ بالتالي فإنّ جرعات من 0.5 إلى 1 غرام من البروميد يومياً قد تؤدّي إلى الإصابة بالتسمّم. تاريخياً كانت الجرعة العلاجية من البروميد من 3 إلى 5 غرام، وهذا ما يشرح انتشار التسمّم بالبروم المزمن في الماضي؛ على الرغم من أنّ الوفيات بذلك المرض نادرة.[60] تحدث الإصابة بمرض التسمّم بالبروم نتيجةً لأثر عصبي سمّي على الدماغ، ممّا يؤدّي إلى النعاسوالذهانونوباتوالهذيان.[61]